للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتبين بما تقدم أن المصدر لا يجمع ما بقي على دلالته من حيث حدثه وجنسه، فإذا انفك عنها سقط عنه مقتضاها، وهو عدم الجمع. على أن بيت القصيد هاهنا هل يسوغ التصرف في المصدر كلما مست إليه الحاجة ودعت الضرورة، فيُخرج به عن مصدريته ويُجمع على إرادة الاسمية؟.

أكثر نصوص الأئمة على الوقوف بهذه الإرادة عند حد السماع، عدا ما انتهى من المصادر بالتاء. فليس لك. على هذا. أن تجمع وتقول أردت بالمصدر الاسمية، إذا أدّاك التعبير إليه، إلا أن يكون العرب قد فعلوِه فنقل عنهم، وهو الحكم الذي يرجع إليه، ويقتاس به عند الأكثرين. ولكن ألا يخالف هذا، العرفَ اللغوي من وجوه؟

قال صاحب المصباح فيما أسلفنا: (فإن كان المصدر عدداً كالضربات أو نوعاً كالعلوم والأعمال، جاز ذلك لأنها وحدات وأنواع جمعت) . وأضاف: (وقال الجرجاني: لا يُجمع المبهم إلا إذا أريد به الفرق بين النوع والجنس. وأغلب ما يكون فيما ينجذب إلى الاسمية نحو العلم والظن) . ولا تكاد تحسب بهذا أنهما آخذان بالقياس حتى يستدرك الجرجاني فيقول: (ولا يطرد، ألا تراهم لم يقولوا في قتل وسلب ونهب: قتول وسلوب ونهوب) . ويستدرك الفيومي فيقول (وقال غيره لا يجمع ـ الوعد ـ لأنه مصدر، فدل كلامهم على أن جمع المصدر موقوف على السماع، فإن سمع الجمع عللوا باختلاف الأنواع، وإن لم يسمع عللوا بأنه مصدر باق على مصدريته، وعلى هذا فجمع القصد موقوف على السماع) .

القول بقياس جمع المصدر إذا أريد به الاسم

ذهب بعض الأئمة إلى الأخذ بقياس جمع المصدر إذا أريد به الاسم، جرياً على ما استن به العرب أنفسهم حين جمعوا (العلوم والظنون والحلوم والعقول والأعمال والأشغال..) . قال صاحب الهمع (١ / ١٨٦) : (أما النوع ففيه قولان: أحدهما يثنى ويجمع، وعليه ابن مالك، قياساً على ما سُمع منه كالعقول والألبان والحلوم، والثاني: لا، وعليه الشلوبين قياساً للأنواع على آحاد، فإنها لا تثنى ولا تجمع لاختلافها.

<<  <   >  >>