اتفق لنا، في فصل سابق، البحث في المفاعلة من مصادر أفعال المشاركة، فعمدنا إلى تفصيل الكلام في بنيتها اللفظية ومختلف دلالاتها، ووجوه لزومها وتعدّيها، وسنجلو البحث هنا في زنة أخرى، من المصادر، تقترن بها وتمت إليها، وهي التفاعل، فنكشف عما بينهما من نسبة قد تعني التكامل حيناً، لكنها لا توجب ذلك كل حين.
التفاعل والمفاعلة:
يرد التفاعل للمشاركة، كما ترد المفاعلة، فيشترك جانبا التفاعل في إيقاع الفعل كل على الآخر، في مثل قولك (تضارب خالد وصالح) . ولكن إذا كانت المفاعلة، في مثل قولك (ضارب خالد صالحاً) تعني اشتراك الأول، أي خالد، في الفاعلية لفظاً ومعنى، والمفعولية معنى، واشتراك الثاني، أي صالح في المفعولية لفظاً ومعنى، والفاعلية معنى، فإن كلاً من جانبي التفاعل، في قولك (تضارب خالد وصالح) شريك في الفاعلية لفظاً ومعنى، وفي المفعولية معنى، ولا فرق بين التفاعل والمفاعلة بعد، في إفادة كونهما لاثنين فأكثر، ما داما للمشاركة.
وإذا كانت المفاعلة تتعدى إلى واحد، كالمضاربة في قولك (ضارب خالد صالحاً) فإن التفاعل منها لا يتعدى إلى شيء، في مثل قولك (تضارب خالد وصالح) لانتقال المفعول الذي كان للمفاعلة، وهو (صالح) إلى الفاعلية في التفاعل. وإذا كانت المفاعلة تتعدى إلى اثنين، كقولك (نازع خالد صالحاً الأمرَ) فإن التفاعل منها يتعدى إلى ثاني المفعولين وحده، وهو المفعول المزيد في المنازعة، أي (الأمر) فنقول (تنازع خالد وصالح الأمر) ، ويرتفع المفعول الأول، وهو (صالح) داخلاً في الفاعلية.