والمصدر إذا جمع حين يدل على الوحدة والهيئة والنوع فلأنه قد افتقد جنس فعله وإذا جمع حين يجتذب إلى الاسم اسم ذات كان أو اسم معنى، فلأنه افتقد حدث فعله، أما إذا اجتمع للمصدر حدث فعله وجنسه فقد صح فيه ما أورد صاحب الموهر حين قال (١ / ١٢٠) : (ومما يحسن مفرداً ويقبح مجموعاً، المصادر كلها) . ولا يظن ظان أن لنا أن نريد الاسمية في أي مصدر فنجمعه، وإنما ذلك مرهون بضرورة التعبير والحاجة إليه.
صحة جمع بيان على بيانات وأبنية:
جرى نقاش حول صحة جمع بيان على بيانات في الدورة السابعة والثلاثين لمجمع اللغة العربية بالقاهرة. فقال الأستاذ عباس حسن، عضو المجمع:(المصدر من حيث هو مصدر لا يجوز جمعه، إلا إذا كان عددياً أو نوعياً. وهنا لا دليل على التعدد. ولو سلمنا أنه متعدد الأنواع لكان المانع من جمعه جمع المؤنث السالم أنه لا يدخل تحت نوع مما يجمع هذا الجمع.) وأنت ترى أن الأستاذ قد أبى جمع (بيان) على (بيانات) لسببين: الأول أنه لا دليل على تعدد المصدر فيجمع، والثاني: أنه لا سند لجواز جمعه جمع مؤنث سالماً، إذا صح جمعه.
أقول في الجواب عن ذلك: فيما يراد به هنا ليس مصدراً، وإنما هو اسم، وهو القول الذي تسوقه لإعلان أمر أو إيضاحه والكشف عن إشكال فيه. أو هو (ما يتم به بيان الأمر والكشف عن غامضه) . فهو بذا قد فقد دلالته على الحدث وجنسه، على السواء، فعاد له حكم الجمع الذي حالت دونه هذه الدلالة. فإذا قيل إنه مصدر فاعتداداً بالأصل. وقد يستعمل (البيان) دالاً على حدثه دون جنسه فيجمع لاختلاف نوعه.
وجاء في النص الذي اختلف في صحته (الأحكام والبيانات) فامتنع الأعضاء من جمع (البيان) وأقروا جمع (الحكم) فما الذي أداهم إلى هذا التفريق؟