للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزاد الإمام محمد الكفوي في كتابه (شرح البناء) في شرح المثال، فقال ان قولك (ضارب زيد عمراً) قد دل صريحاً على صدور الضرب من زيد على وجه (الغالبية) ووقوعه على عمرو. كما دل ضمناً على صدوره من عمرو على وجه (المغلوبية) ووقوعه على زيد، فيكون كل منهما فاعلاً ومفعولاً. لكن الغالب يكون فاعلاً والمفعول مفعولاً لفظاً، وبالعكس معنى. وهكذا ذهب الكفوي إلى اعتداد (زيد) فاعلاً لفظاً (أي لفظاً ومعنى) واعتداد عمرو مفعولاً لفظاً (أي لفظاً معنى) ، وإلى جعل (زيد) مفعولاً معنى أو ضمناً، و (عمرو) فاعلاً معنى أو ضمناً.

ويأتي الرضي بمثال آخر هو (جاذبت فلاناً الثوب) ، وأصله (جذبت الثوبَ) ، فيقول انه ليس من قبيل المشاركة في (المضاربة) . ذلك أن (المضارَب) بفتح الراء، وهو (عمرو) هو المفعول في الفعل الثلاثي من قولك (ضرب زيد عمراً) ، وهكذا ظل للمضاربة مفعول واحد، أما (المجاذَب) بفتح الذال فليس هو المفعول في الفعل الثلاثي من قولك (جذبت الثوبَ) فقد ضمت المشاركة هاهنا إلى المفعول الأصلي وهو (الثوب) مفعولاً آخر هو (فلان) فأصبح للمجاذبة مفعولان. وقد حصل التشارك في الجذب هنا ولكن بين المتكلم وفلان، فهما قد تنافسا في جذب الثوب.

ونظير ذلك (نازعت فلاناً الحديث) أي جذابته إياه. إذ ليست المشاركة فيه كالمشاركة في المضاربة، ذلك أن (المنازع) هنا بفتح الزاي، وهو (فلان) ليس هو المفعول في الفعل الثلاثي من قولك (نزعت الحديث) ، وهو (الحديث) . فقد جرى التشارك في النزع هنا بين المتكلم وفلان أيضاً فهما قد تنافسا في نزع الحديث.

ويتبين مما تقدم أنه إذا كانت المشاركة في المضاربة قد أفادت إيقاع أصل الفعل من المتضاربين أحدهما على الآخر، فإن المشاركة في المجاذبة والمنازعة قد أفادت منافسة المتجاذبين والمتنازعين في إيقاع الفعل على مفعول آخر هو الثوب أو الحديث. والأصول الثلاثية لأفعال المشاركة هنا متعدية وهي ضرب وجذب ونزع.

<<  <   >  >>