للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقول جاء في (كتاب فضل هاشم على عبد شمس) للجاحظ، في حديثه عن حلف الفضول: "فكان هذا الحلف في بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن عبد العزى وبني زهرة وبني تيم بن مرة. تعاقدوا في دار عبد اله بن جُدعان في شهر حرام قياماً يتماسحون بأكفهم صعداً ليكونُنّ مع المظلوم حتى يؤدوا إليه حقه، ما بلّ بحرٌ صوفه. وفي التآسي في المعاش والتساهم بالمال"، فعدّى التساهم كما يتعدّى التآسي. ففي القاموس "وآساه بماله مواساة أتاله منه" أي أشركه فيه. فالتآسي في المعاش الاشتراك فيه، وكذلك التساهم بالمال. فانظر إلى ما جاء في النهاية لابن الأثير: "والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق". وإذا كانت المواساة مشاركة ومساهمة في المعاش، فالتآسي والتساهم اشتراك فيه.

وقد حضر الرسول (هذا الحلف وقال فيه: "لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت".

***

وبعد فهذا ما اتفق لنا من البحث في باب المفاعلة من أفعال المشاركة، إن من حيث بنيته اللفظية أم من حيث استعماله في وجوه التعبير المختلفة، مما يلتبس على الكتاب موضعه. ولم نخلد في ذلك إلى سانح خاطر أو نزوة فكر بل عمدنا إلى النظر والمقابلة والموازنة التماساً للصواب وتحريراً للمراد، وحرصاً على ألا يغمض منه شيء على القراء أو يستر عنهم، وتوطئة لانقياد ما تصعب منه وإمكان ما امتنع.

ونرجو ألا يكون قد قصرّ سعينا عن تحري الحق في هذا السبيل، وإن عزّ مطلبه واشتد إدراكه. وحسبنا أننا دللنا على منهاج البحث وأرينا موضوعه ليعرف وجه مطلبه والوقوع عليه فتخف الكلفة في الكشف عن غامضه، ومن الله العون.

<<  <   >  >>