للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمصدر من حيث اللفظ، هو الجاري على فعله متضمناً أحرف هذا الفعل. قال ابن القيم في (بدائع الفنون) : "إن المصدر هو الجاري على فعله الذي هو قياسه كالأفعال من أفعل والتفعيل من فعَّل والانفعال من انفعل والتفعل من تفعل. وأما السلام والكلام فليسا بجاريين على فعليهما، ولو جريا عليه لقيل تسليم وتكليم". ويدل هذا على أن المصدر ما ساوت حروفه حروف فعله لفظاً كجرى جرياً، أو تقديراً كجادل جدالاً فقد خلا الجدال من ألف جادل لفظاً لا تقديراً، أو معوضاً مما حذف كوعد عدة فقد خلا (عدة) من واو (وعد) ولكن عوّض منها التاء. أو زادت حروفه كقاتل مقاتلة وأعلم إعلاماً.

أما اسم المصدر من حيث لفظه فهو ما نقصت أحرفه عن أحرف فعله كالصلح اسم مصدر للمصالحة، والوضوء اسم مصدر للتوضؤ، فهما خاليان لفظاً وتقديراً من بعض ما في فعليهما. ويكون (المصدر الميمي) بهذا الاعتبار مصدراً، كقال مقالاً وأكرم مُكرماً، خلافاً لمن اعتدّه من أسماء المصادر. قال ابن هشام في شرح شذور الذهب: "اسم المصدر وهو يطلق على ثلاثة أمور: أحدها ما يعمل اتفاقاً، وهو ما بدئ بميم زائدة لغير المفاعلة كالمضرب والمقتل وذلك لأنه مصدر في الحقيقة، ويسمى المصدر الميمي، وإنما سموه أحياناً اسم مصدر تجوزاً.. والثاني ما لا يعمل اتفاقاً وهو ما كان من أسماء الأحداث علماً كسبحان علَماً للستبيح وفجارِ وحمادِ علَمين للفجرة والمحمدة. والثالث ما اختلف في أعماله، وهو ما كان اسماً لغير الحدث فاستعمل له كالكلام فإنه في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ثم نقل إلى معنى التكليم والثواب فإنه في الأصل اسم لما يُثاب به العمال ثم نقل إلى معنى الإثابة، وهذا النوع ذهب الكوفيون والبغداديون إلى جواز إعماله.."

<<  <   >  >>