للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأقدم تعريف اعتمد هذا الحد، في تعريف عناصر الجملة الثلاثة الاسم والفعل والحرف وتمييز أحدهما من الآخر، هو أبو بكر محمد بن السري المعروف بابن السرّاج (٣١٦هـ) . فعلى حين نهج في كتابه (الخط) نهج سيبويه في التعريف، فقال: "الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم مثل رجل وفرس والفعل مثل جلس يجلس، والحرف نحو من وحتى والباء في قولك: مررت بزيد، واللام في قولك: لزيد مال..". فقد نهج في كتابه (الموجز) نهجاً طريفاً فقال: "والفعل ماكان خبراً، ولا يجوز أن يخبر عنه"، وأبو بكر هذا قد أخذ النحو واللغة عن المبرَّد أبي العباس محمد بن يزيد، وإليه انتهت رسالة النحو بعد موت الزجاج أبي إسحاق (٣١١هـ) ، ولأبي بكر عدة مؤلفات منها (الخط) و (الأصول) وموجزه، وقد خالف فيها البصريين في مسائل كثيرة.

وحذا هذا الحذو في تعريف الفعل شيخ نحاة الأندلس أبو علي عمر بن محمد الإشبيلي المعروف بالشلوبين (٦٤٥هـ) ، فقد حكي عنه قوله: "وأيضاً فإن الاسم يخبر به ويخبر عنه، والفعل لا يكون إلا مخبراً به، والحرف لا يخبر به ولا يخبر عنه". كما جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي (١/ ١١٩) ، وللشلوبين كتاب في التعليق على كتاب سيبويه، وآخر في النحو سمَّاه التوطئة

وقد شاع نحو من هذا التعريف عند كثير من علماء الأندلس الذين رحلوا إلى الشرق، ومنهم محمد بن عبد الله بن مالك جمال الدين الطائي (٦٧٢هـ) ، وقد نسب إلى (جيَّان) الأندلسية وهي تقع إلى الشرق من قرطبة. ولد ابن مالك في هذه البلدة وانتقل إلى دمشق وتوفي فيها. وقد صاغ في (النحو) ألفيته التي نظمها وسماها بالخلاصة، وذاع صيتها وكثر شراحها، ومن هؤلاء الشراح ابن الناظم بدر الدين بن محمد بن عبد الله بن مالك (٦٨٦هـ) ، وقد جاء في شرح التسهيل لابن مالك قوله: "الكلمة إن لم تكن ركن الإسناد فهي الحرف، وإن كانت ركناً له فإن قبلت الإسناد بطرفيه فهي اسم، وإلا فهي فعل".

<<  <   >  >>