للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد عمد بعض أئمة القرن الرابع الهجري إلى تعريف الفعل بما يختص به من علامات يتميز بها من الاسم والحرف. وأقدم من نحا هذا النحو الإمام ابن جني أبو الفتح عثمان (٣٩٢هـ) ، وابن جني أعلم أهل عصره بالنحو والتصريف، وقد تلمذ لأبي علي الفارسي خاصة، وله في الصرف كتب كثيرة، منها اللمع في التصريف، والمنصف في شرح تصريف المازني، والتصريف الملوكي، عدا ما جاء في كتابيه النفيسين: سر صناعة الإعراب والخصائص، مما يتصل بهذا العلم. وقد جاء في كتاب اللمع قوله: "والفعل ما حسن فيه قد، أو كان أمراً، فأما قد فنحو قولك: قد قام وقد قعد، وقد يقوم وقد يقعد، وكونه أمراً نحو قم واقعد". وكتاب اللمع كتاب مشهور عمد كثير من الأئمة إلى شرحه، ومن هؤلاء الثمانيني أبو القاسم عمر بن ثابت (٤٤٢ هـ) ، ومنهم ابن الشجري أبو السعادات هبة الله بن علي (٥٤٢هـ) ، كما شرح كتاب (التصريف الملوكي) . ومنهم ابن الدهان أبو محمد سعيد بن المبارك البغدادي (٥٦٩هـ) ، وقد أسماه الغرَّة، ومنهم محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (٦١٦هـ) ، وقد أسماه (المتبع في شرح اللمع) .

وقد حذا هذا الحذو في التعريف ابن مالك (٦٧٢هـ) ، فقد عرَّف الكلام وما يتألف منه في متن (ألفيته) فقال:

كلامُنا لفظ مفيد كاستقم

واسم فعل ثم حرف الكلم

وميز الاسم من الفعل والحرف فقال:

بالجرِّ والتنوين والندا وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

وميَّز الفعل فقال:

بتا فعلتَ وأتتْ ويا افعلي

ونون اقبلنَّ فعلٌ ينجلي

فذكر من علامات الفعل: تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة وياء المخاطبة ونون التوكيد. ودرج ابن أجروم محمد بن داود الصنهاجي (٧٢٢هـ) ، على هذا في مقدمته المشهورة المعروفة بالأجرومية، فقال: "والفعل يعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة".

<<  <   >  >>