للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الزجاجي في كتابه (الجمل) : "الفعل ما دل على حدث وزمان ماض أو مستقبل، نحو قام يقوم وقعد يقعد، وما أشبه ذلك/١٧". ولا يعني هذا أن الزجاجي قد أسقط من حسابه (الحال) ، فقد ذكر في مواضع آخر من كتابه: "الأفعال ثلاثة: فعل ماض وفعل مستقبل" وأردف:"وفعل في الحال يسمى الدائم"، فجعل (الحال) بين الماضي الذي فات حدثه قبل التلفظ به، والمستقبل الذي ينتظر حدثه بعد التلفظ به. ولاشك أنه تابع في وصف (الحال) بالدائم أمام الصناعة. قال سيبويه في (الكتاب) : "وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وماهو كائن لم ينقطع". فالفعل الذي هو كائن لم ينقطع إذا أخبرت به، عند سيبويه، هو الفعل الدائم أو المستمر عند الزجاجي.

والزجاجي إذا كان ممن أعجب بسيبويه، فإنه لم يشايعه في كل ما ذهب إليه. ومن ذلك أنه لم يجعل للأمر حيزاً في أقسام الفعل خلافاً لسيبويه حين قال: "وأما بناء مالم يقع فإنه قولك أمراً: اذهب واقتل واضرب".

وقد تعجب لِمَ عوَّلَ الزجاجي على (الماضي والمستقبل) ، حيناً دون (الحال) ، والشائع عند النحاة أن صيغة المضارع للحال والاستقبال، وهي للحال أخص، لأنها تستعمل في الحال بغير قرينة وفي الاستقبال بقرينة (السين وسوف) ؟.. أقول عمد الزجاجي إلى الاكتفاء حيناً بذكر (المستقبل) ، دون (الحال) لأنه اعتد (المستقبل) ، أسبق الأفعال، فقد قال في كتابه (الإيضاح /٨٥) : "اعلم أن أسبق الأفعال في التقدم: الفعل المستقبل لأن الشيء لم يكن ثم كان، والعدم سابق ... ثم يصير في الحال ثم يصير ماضياً ... فأسبق الأفعال في المرتبة: المستقبل، ثم فعل الحال، ثم فعل الماضي". وهذا ما حمله أن يستغني حيناً بذكر الماضي والمستقبل، لاسيما وأن (الحال) لا ينفرد ببناء خاص دون المستقبل.

<<  <   >  >>