للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول إن التعبير بصيغة واحدة عن أزمنة مختلفة لا ينفي البتة اقتران الفعل بدلالته الزمنية. قال الدكتور ولفنسون: "كذلك يعتقد العلماء أن صيغة المضارع كانت في مدى قرون كثيرة تدل على جميع الأزمنة، كما هو الحال في اللغة الصينية وفي اللغة الأندرو جرمانية الأصلية/١٦".

وهكذا فإن اسم الفاعل صيغة واحدة تدل على الماضي حيناً كما تدل على الحال والاستقبال حيناً آخر. وهذا ما حمل الكوفيين على تسميته بالفعل الدائم.

الثاني: دلالة اسم الفاعل على الاستمرار في مختلف الأزمنة، دون زمن معين، قال المخزومي في كتابه (في النحو العربي/١٣٩) : "وأما مثال فاعل فهو أحد أقسام الفعل، وهو الفعل الدائم الذي لا دلالة له على زمان معين إذا لم يوصل بصلة من مضاف إليه أو مفعول". وفي كلام المخزومي هذا نظر من ناحيتين:

ـ الأولى: أن الكوفيين لم يعنوا بالفعل الدائم الفعل الذي لا دلالة له على زمان معين، وإنما عنوا به الفعل الذي يدل على الماضي تارة وعلى المضارع أو المستقبل تارة أخرى.

الثانية: إن قول المخزومي: "الذي لا دلالة له على زمان معين"، يعني الإشارة إلى صفة الاستمرار في اسم الفاعل، ودلالة اسم الفاعل على الاستمرار ليست مرهونة بعدم إضافته، فقد يدل اسم الفاعل على الاستمرار ويكون مضافاً، وقد مثلنا لذلك بقوله تعالى: (غافر الذنب (. غافر/٣ كما مثلنا له بقوله تعالى: (فالق الإصباح (الأنعام /٩٦".

وقد بحث هذا الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه (الفعل زمانه وأبنتيه) وانتهى منه إلى القول: "والقول بدلالة فاعل على الاستمرار مما انفرد به المخزومي، فقد اقتصر السابقون على دلالة فاعل على المستقبل، وهو اسم الفاعل المنون العامل نحو أنا صائم يوم الخميس أي سأصوم، وعلى المضي وهو اسم الفاعل المضاف نحو هو قاتل أخيه، أي قتل ـ ٤٣". قال السامرائي هذا وقد ثبت بما لا وجه فيه لشك أو ارتياب، دلالة اسم الفاعل على الاستمرار، كما رأيت.

<<  <   >  >>