للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولوجهة النظر هذه في اعتداد الثبوت أو الاستمرار هو الأصل في دلالة اسم الفاعل وجه متقبل. ذلك أن اسم الفاعل (اسم) والاسم على الثبوت والاستمرار، ولكنه يشبه الفعل وشبهه هذا قد تحول به إلى ما يدل عليه الفعل المضارع من حركة وتجدد. وهذا ما كشف عنه الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز ١١٥) ، فأفصح عن الفرق بين قولك (زيد منطلق) و (زيد ينطلق) . فقولك (زيد منطلق) يثبت الانطلاق لزيد دون أن يقتضي تجدداً، أما قولك (ينطلق) فإنه يثبت لزيد انطلاقاً يتجدد فيقع منه شيء بعد شيء. وإذا كان النحاة قد ذكروا أن قولك (خالد دائب في عمله) كقولك (يدأب فيه) ، فإن قولهم هذا على المشابهة لا على المماثلة والمطابقة. ذلك أن في أصل دلالة المضارع من التجدد ما ليس في أصل دلالة اسم الفاعل، وقد أشار الأشموني إلى دلالة المضارع هذه، في شرح ما جاء من قول ابن مالك في ألفيته (أحمد ربي الله خيرَ مالك) ، إذ قال: (واختار صيغة المضارع المثبت لما فيه من الإشعار بالاستمرار التجددي، أي كما أن آلاءه تعالى لا تزال تتجدد في حقنا دائماً كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد". وهذا يعني أن الأصل في التجدد أن يكون للفعل، فإذا وصف به اسم الفاعل بالفعل فقد استدعت ذلك قرينة تحولت باسميته إلى مشابهة الفعل.

وإذا كنا قد جارينا النحاة ها هنا فجعلنا الأصل في اسم الفاعل الدلالة على الحدث، فإذا دلَّ على الاستمرار فقد تحول عن أصله، فذلك لأننا قرناه بالصفة المشبهة الدالة على الثبوت فوازنّا بينه وبينها فتميز عنها بإفادة الحدث. ولو قرنا اسم الفاعل فوازنا بينهما لكان الفعل صاحب الحدث وكان اسم الفاعل هو الدال على الاستمرار.

٢-كلام الدكتور مهدي المخزومي:

<<  <   >  >>