للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول إذا عوَّلنا على ظاهر ما جاء في المعاجم خلصنا إلى ما خلص إليه الأستاذ جار الله. قال الجوهري في الصحاح: "عدمت الشيء بالكسر أعدمه بالفتح عدماً بالتحريك، على غير قياس، أي فقدته، والعدم بفتح العين والدال: الفقر. وكذلك العُدم إذا ضممت أوله وسكَّنت ثانيه.

وأعدمه الله. وأعدم الرجل: افتقر فهو معدم، بضم الميم وكسر الدال وعديم". ونحو ذلك في سائر المعاجم. وقد تبين لي بمراجعة (عدم) في المعاجم وكتب اللغة وتدبّر ما جاء فيها ما يلي:

آ-تقول من الثلاثي المجرَّد: عدمته بالكسر أعدمه بالفتح عُدما بضم العين وسكون الدال، بمعنى فقدته. فالفعل متعدٍّ إلى واحد. واسم الفاعل المقيس منه (عادم) بمعنى فاقد، واسم المفعول المقيس (معدوم) بمعنى مفقود، وتقول في الخبر: لا أعدم كذا بمعنى أنك واجده، وفي الإنشاء: لا عدمت ودَّك وبرَّك، أي لا أفقدني الله إياهما. وفي المعنى الأول يقول الشافعي:

وإذا مت لست أعدم قبراً

أنا إن عشت لست أعدم قوتاً

ب-وتقول من المزيد (أعدم الرجل) بمعنى افتقر فهو (مُعدم) بضم أوله وكسر ما قبل آخره، بمعنى فقير، فيكون الفعل لازماً، ومثل (مُعدم) اسم الفاعل من (أعدم) اللازم مُعوز ومفلس ومُملق ومُدقع، بضم أولها وكسر ما قبل آخرها. جاء ذلك في معظم المعاجم، كما جاء في التلخيص لأبي هلال العسكري، وفي النوادر لأبي مِسحل الأعرابي، قال المتنبي يمدح عمر بن سليمان الشرابي:

وأحسنُ من يُسر تلقَّاه معدِمُ

ألذُّ من الصهباء بالماء ذكرهُ

يقول إن ذكر ممدوحه أفعل في النفس من وقع اليسر أي الغِنى في نفس الفقير المعدِم.

<<  <   >  >>