أقول يتبين بما قدمناه من كلام ابن هشام أن الأستاذ جواد لم يصب فيما جاء به طريفاً، أو يُضف فيما تناوله جديداً، وإن طلبت كلامه والتمسته فيما بسطه ابن هشام ذلك على نفسه وهداك إلى موضعه. فهو لم يزد على أن أورد صدراً مما أسهب ابن هشام بل النحاة في تفصيله وبسط أطرافه. ومن العجب العاجب أن الأستاد قد عدد مراجعه التي استقى منه فصول كتابه أو عوَّل عليها فيما عرض له من مباحث فجعل (الأشباه والنظائر) في عدادها. فكيف يصرح بجدّة بحثه وسبقه إليه وتفرده به، وقد حكينا ما حكيناه من تفصيل المسألة فيما جاء به هذا الكتاب من كلام ابن هشام؟ وما الذي قدمه الأستاذ هذا في توفير حق النحاة فيما بسطوه من أصول هذا العلم ومسائله، وتقرير فضلهم فيما اهتدوا إليه من دقائقه وفرائده بالتلطف والتدبر، يقلبون وجوه الرأي ويصرفون الفكر ويوالون البحث ويستفرغون الوسع، في كل ما عرض لهم من أحكام اللغة، وهو أمر أظهر وأيسر وأعرف من أن يؤتى بمثالٍ له، وشاهد عليه.
كلام ابن هشام في شذور الذهب:
قد أوضح ابن هشام رأيه في (التفريق بين المفعول المطلق وسائر المفاعيل) في كتابه (شذور الذهب) ، فقال: وسمي مطلقاً لأنه يقع عليه اسم المفعول بلا قيد: تقول ضربت ضرباً فالضرب مفعول لأنه نفس الشَّيْءِ الذي فعلته، بخلاف قولك: ضربت زيداً، فإن زيداً ليس الشيء الذي فعلته، ولكنك فعلت به فعلاً، وهو الضرب، فلذلك سمي مفعولاً به، وكذلك سائر المفاعيل..) .