قال الإمام ابن برّي في تعقيبه على رواية الجوهري:"هكذا أنشده الجوهري وغيره: إليك إليك، ونشر في شعره أن –إليك- خذها لتركبها وتروضها. وهذا فيه إشكال لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا أن –إليك- بمعنى تنحَّ وأنها غير متعدية إلى مفعول". وإذا كان ابن برّي قد أشار إلى الإشكال في مخالفة الجوهري لما نص عليه الأئمة الأوائل فيما تعنيه هذه الأداة، فقد أكد في كلامه صحة رواية البيت ومعناه كما أنشده الجوهري. وشعر القطامي مما يُعتد به والجوهري محقق ثبت. ويؤيد ما ذهب إليه الجوهري ما جاء في شرح ديوان الحماسة. فقد حكى المرزوقي قول الشاعر (حُجيَّة بن المُضرَّب) يخاطب زوجته:
إليكِ فلومي ما بدا لك واغضبي
تلوم على مالٍ شفاني مكانه
قال المرزوقي:"والمعنى اجمعي أمركِ واستمري في عتبكِ وغضبكِ ما بدا لك".
وقد جاء في الكليات لأبي البقاء الحسيني الكفوي:"وإليك كذا أي خذه ... وإليك عني أي أمسك وكف –١/٢٧٨"، فأثبت للأداة المعنيين جميعاً. وكذلك فعل الشيخ مصطفى الغلاييني في كتابه (جامع دروس اللغة العربية) إذ قال: "إليك عني بمعنى تنحَّ عني، وإليك الكتاب بمعنى خذه". ولا عذر للأستاذ زين العابدين التونسي في اقتصاره على معنى واحد من معنيي الأداة في كتابه (المعجم في النحو والصرف) ، إذ قال:"إليك اسم فعل أمر غير متعدّ مثل إليك عني أي تنحَّ، وفاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت! وقد صدر عام ١٩٧١.
ولذا قل: إليك عني بمعنى أمسك، وإليك البيانَ بمعنى خذه، والبيان مفعول به، فكلاهما صحيح. وقد بحث هذا الأستاذ المحقق محمد علي النجار في كتابه (لغويات/٤٨) فانتهى إلى مثل ما انتهينا إليه.
٤-آمََا:
أما: بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف استفتاح يراد به التنبيه، ومثلها (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام. ففي نهج البلاغة: "آمَا إنكم ستلقَون بعدي ذلاً شاملاً" ويقع بعدها القسم كثيراً كقول الشاعر أبي صخر عبد الله بن سلمة الهذلي: