للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن هل تأتي (الواو) للاستئناف كما تأتي (الفاء) . أقول جاء قوله تعالى: "من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون -الأعراف ١٨٦". فقرئ (ويذرهم) بالرفع على الاستئناف وبالجزم عطفاً على موضع جواب الشرط (فلا هادي) . وبحث هذا الإمام الزمخشري في كشافه فذكر أن الرفع على الاستئناف، ولكنه قصد بذلك الاستئناف البلاغي الذي يعني عطف الفعل على جواب سؤال محذوف، كأن يكون السؤال: أهؤلاء يضلّهم الله ولا يهديهم أحد، فيكون الجواب: نعم يضلّهم ويذرهم في طغيانهم يعمهون. فالواو هنا عاطفة على كل حال، بالجزم أو الرفع جميعاً. والفرق بين الاستئناف البلاغي أو البياني والاستئناف النحوي أن البلاغي ما كان جواباً عن سؤال مقدَّر اقتضته الجملة الأولى أو معطوفاً عليه، فهو أخصّ مطلقاً من النحوي، وقد جاء نحو من هذا في كتاب القطوف الدانية في العلوم الثمانية لمحمد أمين السفرجلاني/ ١٩٩".

* * *

هذا ما رأيت الكشف عنه في استعمال هذه الطائفة من الأدوات النحوية، جلاءً لما قد يعترض الكتَّاب فيها من اللبس. فلابد أن يكون لهم من معرفة ذلك حظّ ومن تدبّره نصيب، تجنباً للخطأ وابتغاءً لحسن الأداء وإحكام البيان. ومن الله العون.

<<  <   >  >>