ماز النحاة ما نصب بفعل لازم بحذف الجار فقالوا إنه منصوب (بنزع الخافض) أو إسقاطه، كما مرَّ. وجعل جماعة ما كان من الأفعال على هذا النحو قسماً على حدة. فهناك فعل متعد بنفسه وهو ما أسموه بالمتعدي، وفعل متعد بالحرف، وهو ما دعوه باللازم أو القاصر. فإذا حذف الجار من هذا، على الاتساع، جاء المجرور منصوباً فأشبه المنصوب بفعل متعد، وليس هو كذلك وهو ما نحن بسبيله. قال ابن يعيش في شرح المفصل حول قول القائل (أمرتك الخير) بنصب الخير، وهو من الأفعال التي تنصب بحذف الجار وأصله (أمرتك بالخير) قال: (لأن الفعل لا يتعدى إلا بحرف الجر، فإذا ظهر حرف الجر كان الأصل، وإذا لم يذكر كان على تقدير وجوده واللفظ به، لأن المعنى عليه، واللفظ محوج إليه) .
وقال ابن الأنباري في كتابه (أسرار العربية / ١٨٠) : (وذهب الأكثر أن ـ دخلت ـ فعل لازم. وقد كان الأصل فيه أن يُستعمل مع حرف الجر، إلا أنه حذف حرف الجر اتساعاً على ما بينا، وهذا هو الصحيح) . ونحن إذا أردنا إيضاح قولهم (منصوب على نزع الخافض) أو (منصوب على الحذف والإيصال) قلنا إن الاسم الذي ينصب بإسقاط الجار ليس مفعولاً به، إذ امتنع أن يقع عليه فعل الفاعل، على حد ابن الحاجب، أو يوصف باسم مفعول تام صيغ من فعله، على حد الرضي. فالأصل فيه هو الجر، وإذا طرأ عليه، بالاتساع، ما أبدل من جره نصباً باللفظ فقد ظل على معنى الجر، كما أوضح ابن يعيش. ولذا قال سيبويه أن الفعل هاهنا قد عمل في اللفظ لا في المعنى، فهو منصوب لفظاً، مجرور معنى.
معارضة ما تقدم من كلام النحاة بما جاء به الدكتور جواد في المسألة: