للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن ابن مالك قد ذهب إلى أن المصدر يجمع حيناً فيقصد به مجرد تكرير الفعل، ويبقى على حدثه وجنسه فيعمل. قال صاحب الهمع (٢/ ٩٢) : (وجوّزه قوم، أي عمل المصدر، في الجمع المكسَّر، واختاره ابن مالك، قال: لأنه: وإن زالت معه الصيغة الأصلية، فالمعنى معها باق ومتضاعف بالجمعية، لأن جمع الشيء بمنزلة ذكره متكرراً بعطف) .

وهكذا أقر ابن مالك جمع المصدر الذي لم يعر من حدثه وجنسه، وأعمله، والقول بعد هذا أن ابن مالك أقر جمع ما جذب من المصادر إلى الاسمية كالعقول والألباب والحلوم، كما جاء في الهمع (١/ ١٨٦) ، تحصيل حاصل، ولكن شأن المصدر الذي لم يعر من حدثه وجنسه شأن المصدر المبهم الذي يساوي معنى عامله فلا يثنى ولا يجمع لأنه بمنزلة تكرير الفعل، كما قال صاحب الهمع، والفعل لا يثنى ولا يجمع.

ولنعد إلى (التجربة) فأنت إذا قلت: (إن تجربتي إياه) ، فلا يعني قولك هذا أن (التجريب) ، قد وقع منك مرة واحدة بالضرورة، ليجمع إذا أريد به التكرير، لأنه يحتمل المرة والمرات بلا حد، فلا يبقى ما يدعو إلى جمعه. قال صاحب المصباح: (جرّبت الشيء تجريباً اختبرته مرة بعد أخرى) ، وكذلك قولك (تجريبك الشيء) فمعناه اختبارك إياه مرة بعد أخرى، قال ابن جني في الخصائص (١/ ٢٥) : (وهذا طريق المصدر، لما كان جنساً لفعله، ألا ترى أنه إذا قام قومة واحدة فقد كان منه قيام، وإذا قام قومتين فقد كان منه قيام، وإذا قام مائة قومة فقد كان منه قيام ... ) . وقال أيضاً: (المصدر يتناول الجنس والآحاد تناولاً واحداً) . ومن ثم امتنع جمع المصدر ما بقي على مصدريته، فإذا جمع عُدل به عنها فندر إعماله، ولو ارتضاه جماعة.

<<  <   >  >>