و (الدنيا) في الأصل صفة (للحياة) أو (للدار) . ثم أفردت عن موصوفها فقيل (الدنيا) ، كما قيل (الأولى) ، وهما بمقابل (الآخرة) . قال تعالى (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة –النساء/ ١٣٣) ، وقال (وللآخرة خير لك من الأولى- الضحى/٤) وقال (ولدار الآخرة خير للذين اتقوا.. يوسف /١٠٩) . فالدنيا اشتقاقها من (الأدنى) وهو الأقرب. قال الشيخ أبو حاتم الرازي في كتابه الطريف (الزينة في الكلمات الإسلامية العربية ٢/١٤٣) : (أي أن هذه الحياة الآخرة هي الحياة الأخرى، وكل شيء له طرفان فالأدنى منهما إليك الدنيا والأبعد هو الآخرة) . وقال صاحب المفردات (ويعبر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية كما يعبر بالدار الدنيا عن نشأة الأولى) ، وقال (وقد توصف الدار بالآخرة تارة، ويضاف إليها تارة أخرى..) . وقال الفراء في هذه الإضافة (هذا كثير في كلامهم أن يضيفوا الشيء إلى نعته إذا اختلف فيه اللفظان كقوله: ولدار الآخرة، وكقوله حق اليقين) .
وذكر (الرائد) فيما كان عاماً فخصص. قال ابن الأثير في النهاية (وفي حديث علي –رضي الله عنه- في صفة الصحابة، رضي الله عنهم: يدخلون رواداً ويخرجون أدلة، أي يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين ما عنده، ويخرجون أدلة للناس) . ثم قال:(وأصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث) . وقد اعتمد هذا الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتاب علم اللغة (٢٢٩) فقال: (والرائد في الأصل طالب الكلأ ثم صار طالب كل حاجة رائداً) . وجرى على ذلك الأستاذ محمد المبارك عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، في كتابه (فقه اللغة) .