للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن إذا كان قد أدى اشتغال علماء اللغة الفرنسيين مثلاً إلى تأليف معاجم في تاريخ الكلم وأصولها وتسنى ذلك بالعودة إلى الأصول التي تحدرت منها لغتهم يونانية كانت أو لاتينية أو غير هذه وتلك، فليس كذلك حال العربية التي لا يصح ردها إلى ما أسموه باللغة السامية الأولى التي تصوروا أنها أم اللغات السامية، كما كانت اللاتينية مثلاً أُمّاً للفرنسية والإيطالية والإسبانية، إذ لم يقف البحث العلمي التاريخي على لغة من هذا القبيل، وإنما يعوّل على الأصول العربية وحدها. ولكن أليس يصح في العربية الاستعانة في تقرير أصول الكلم وتاريخها حيناً، والكشف عن ظلال معانيها بالعودة إلى بعض اللغات السامية؟

يقول الدكتور داود الحلبي في كتابه (الآثار الآرامية في لغة الموصل العامية) المطبوع عام ١٩٣٥: (إن تمييز الكلمات الآرامية من الكلمات العربية صعب جداً. وما سبب هذه الصعوبة إلا كون اللغتين شقيقتين، أي فرعين من اللغة السامية الأم. حتى إن نحو أربعة أخماس الكلمات الآرامية تشترك والعربية إما حرفاً أو باختلاف يسير في التلفظ أو تبديل بعض الحروف..) . وقال: (على أني وجدت بعض كلمات مشتركة معانيها، واضحة كل الوضوح في المعاجم الآرامية، ولكنها في المعاجم العربية مضطربة لم يبت لغويو العرب فيها وذهب كل منهم فيها مذهباً. حتى أن بعضهم أتى في صدد إيضاح أصلها بتأويلات غريبة..) . ثم قال (ولو كان للغويين العرب القدماء وقوف على الآرامية لما وقعوا في حيص بيص عند بيان معاني أمثال هذه الكلمات. إذ لا يشك في أن معرفة الآرامية وغيرها من اللغات السامية يكون وسيطاً لحل مشاكل لغوية كثيرة في العربية. كما أن معرفة اللغة العربية تحل مشاكل أخواتها اللغات السامية) .

<<  <   >  >>