ومما يخطئ به الكتَّاب صوغ (استفعل) إذا كانت عينه ولامه حرفاً مشدداً مدغماً، نحو (استبدَّ) ، فالدال المشددة المدغمة هي عين الفعل ولامه، فإذا أرادوا إلحاق تاء الفاعل بالفعل قالوا (استبديْت) بإضافة الياء الساكنة بعد الدال المشددة تخفيفاً، كما قالوا في (استقلَّ) و (استغلَّ) : (استقّليت واستغّليت. والقاعدة في ذلك فك الإدغام في الحرف المشدد وهو الدال في (استبدَّ) . واللام في (استقلَّ واستغلَّ) . فتقول:(استبددتُ واستقللتُ واستغللت) ، كما تقول: استكتبت، ولا وجه لإدخال الياء الساكنة البتة.
وقد يلجأ العرب إلى التخفيف أحياناً إذا تكرر الحرف فيبدلون الأخير منه ياء ساكنة. قال ابن جني في الخصائص (ج٢، ص ٩١ و٩٢) : "ومنه قصَّيت أظفاري وهو من لفظ قصص، وقد آل بالصنعة إلى لفظ قصى. وجاء تقضّضّ فأحالوه إلى تقضّى استثقالاً لتكرر الحرف، وقالوا: تقضَّى البازي إذا هوى ليقع، بإبدال الضاد الثانية ياء كما قالوا تظنّى بدلاً من تظنن، وتمطى بدلاً من تمطط، وتقصّى بدلاً من تقصص وتسرَّى بدلاً من تسرر"، وأردف:"على أن هذه الأمثلة المسموعة تحفظ ولا يقاس عليها.
وقد عقد سيبويه في كتابه (٢ /٤٠١) ، فصلاً في ذلك قال فيه: "هذا باب ما شذَّ فأبدل مكان اللام ياء لكراهية التضعيف". وفعل نحو ذلك ابن السكّيت في كتابه (القلب والإبدال) ، وأبو الطيب اللغوي في كتابه (الإبدال) : كما ذكره ابن سيده في المخصص (ج١٣) . وآخرون. ونحا نحو ذلك كثير من المحدثين لاسيما الدكتور إبراهيم أنيس في (الأصوات اللغوية/١٢٦) ، والدكتور عبد العزيز مطر في كتابه (لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة) ، وسواهما.
ج ـ تفعّل:
تفعّل بتشديد العين صيغة أخرى من الثلاثي المزيد. وما كان على هذه الصيغة يدل غالباً على مطاوعة، تقول حذَّرْتَه فتحذَّر ونبهته فتنبَّه وعزَّيته فتعزَّى. فتحذر وتنبه وتعزى أفعال لازمة مطاوعة.