أقول إذا كان (اعتذر) قد جاء بمعنى (احتجَّ) كما ذكره الهمذاني في الألفاظ الكتابية فقال (اعتذر وتعذر إذا احتجّ) وكان (العذر) كـ (الحجة) على ما جاء في اللسان (العذر: الحجة التي تعتذر بها) فقد اتفق أن عدَّي (اعتذر) بـ (على) كما يُعدى (احتجّ) فأنت تقول: (اعتذرت على فلان بعذر) كما تقول (احتججت عليه بحجة) فانظر إلى قول منصور بن مشحاج:
فما اعتذرتْ إبلي عليه ولا نفسي
ومختبطٍ قد جاء، أو ذي قَرابةٍ
قال المرزوقي في شرح الحماسة (١٦٧٥) : (فلا نفسي احتجزت عنه بمنع ولا إبلي اعتذرت عليه بعذر، كأن عذر الإبل تأخرُها عن مباءتها، أو ذكر وقوع آفة فيها أو تسلط جدب عليها، واحتجاز النفس: بُخلها بها وإقامة المعاذير الكاذبة دونها وما يجري هذا المجرى) . وأصل الاختباط في الورق تقول اختبطت الورق إذا نفضته من الشجر، وكما يستعار الورق فيُكنَّى به عن المال يستعار الخبط فيكنَّى به عن طلبه.
القول في تعديه (كشَف)
قال الدكتور مصطفى جواد في كتابه (دراسات في فلسفة النحو والصرف..) ينتقد على كاتب بعض كلامه: (وكشف كنوزها.. ونظامها البديع، وقد أراد الكشف عن كنوزها. ومن العجب أنه قال قبيل ذلك: وكشف فيه عن سعة إطلاع، فسوَّى بين كشف عنه وكشفه) .
أقول أراد الأستاذ جواد أن (كشفه) غير (كشف عنه) . فالكشف إنما يكون (للساتر) وهو الغطاء أو ما يقوم مقامه، فالغطاء هو المكشوف. أما المكشوف عنه فهو (المستور) أو ما ينوب منابه. قال (والأصل كشف الغطاء أو الستار أو الحجاب) وأردف (والجملة) الثانية ـ أي كشف عنه ـ أريد بها إزاحة ما يستُر، عن الشيء المستور حسب) ، فما صواب المسألة؟