قال المرزوقي (٦٨٣) : (يريد أنه يقدم ولا يُحجم ... هو في بأسه وإقدامه مثل الليث لا يصرفه عن الوجه الذي يؤمه، والأمر الذي يُهمه ما يستشعره الجبان من خوف الموت وقعقعة الوعيد) ، وأردف (وقوله: مَذل بمهجته، كأنه يطول تعرّضه للشدائد ويدوم ابتذاله لما يجب صونه من كرائم النفس، فعل من ضجر بمهجته فاستقتل واستطاب الموت فتعجل. ويقال مَذِل بسرّه: إذا باح به) .
القول في تعدية (تعرض) هل يكون بـ (إلى) كما كان باللام؟
جاء في كتاب (تذكرة الكاتب) للأستاذ أسعد خليل داغر، رحمه الله:(ويعدّون الفعل تعرض بإلى فيقولون ـ لم يفكروا أن يتعرضوا إلى أحد ـ وهو بهذا المعنى إنما يتعدى باللام تقول- تعرض له وطلبه) . فأنكر بذلك تعدية (تعرّض) بإلى، وليس هذا صحيحاً. فإذا قلت (تعرّض إلى فلان) فقد قصدت أن تعرّضك إنما تناول فلاناً بطلبه وابتغائه. وإذا قلت (تعرّض لفلان) فقد أردت أن تعرضك بالطلب والابتغاء إنما انتهى وصار إليه. فقد جاء في كتاب لطائف اللطف لأبي منصور النيسابوري الثعالبي المتوفى (٤٢٩ هـ) : (معن بن زائدة تعرض إليه رجل فقال: احملني أيها الأمير، فقال: أعطوه جملاً وفرساً وبغلاً وحماراً وجارية، وقال: لو علمت أن الله تعالى خلق مركوباً سوى ما ذكرناه لأمرنا لك به) . فقال (تعرض إليه رجل) وعدّى الفعل بإلى خلافاً لما ذهب إليه الأستاذ داغر. ونحو من ذلك ما جاء في النهاية لابن الأثير:(وفي حديث الوليد بن يزيد عبد الملك: أفقر بعد مسلمة الصيد لمن رمى أي أمكن الصيد من فقاره لراميه. أراد أن عمه مسلمة كان كثير الغزو يحمي بيضة الإسلام ويتولى سداد الثغور، فلما مات اختل ذلك وأمكن الإسلام لمن يتعرض إليه، فقال: أفقرك الصيد، فارمه أي أمكنك من نفسه ـ مادة فقر) .