للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾. (١)

فالصحابة: هم خيار المؤمنين الذين من خالف هديهم استحق ذلك الوعيد.

وإن كان يقصد البحث عن أحوال الصحابة من حيث العدالة والنظر في قبول رواياتهم وأخبارهم، مما هو ذريعة للقدح فيهم، والنيل من أعراضهم، والحط من شأنهم ومقاماتهم العالية الرفيعة في الدين، -ولا آراه إلا يقصد ذلك- لزعمه بعد ذلك أن تلك الكتب التي ذكر قد تناولت حياة الصحابة بالنقد والتحليل. فنقول له: يامسكين لقد ارتقيت مرتقى صعباً، وتجشمت خطراً، وعرضت نفسك لما لا حول لك به ولا قدرة.

كناطحٍ صَخْرةً يوماً ليُوهِنَهَا … فَلَمْ يَضِرْهَا وأَوْهَي قَرْنه الوَعِلُ (٢)

ومن سعادة العبد أن يعرف قدر نفسه. فلو كان البحث في أحوال الصحابة بالنقد والتعديل منهجاً متبعاً في أهل العلم ونقّاد الرجال، فلست من فرسان ميدانه، ولا ممن يسابق في مضماره، فكيف به وقد أغلق العلماء باب بحثه وانصرفت ههمهم عن دراسته، وذلك لتعديل الله تعالى لهؤلاء الصحابة، وثنائه عليهم أجمل الثناء، ووصفه لهم بالإيمان والهدى والبر والتقوى في محكم كتابه، وتزكية الرسول لهم في صريح سنته، وذكره الكثير من فضائلهم، ونهيه الأمة عن التعرض لهم وسبهم.

فمن ذلك قوله تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدلهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم﴾. (٣)


(١) النساء ١١٥.
(٢) هذا البيت للأعشى ميمون بن قيس من لاميته المشهورة، وهو من شواهد ابن عقيل في شرح الألفية. انظر: شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك ٢/ ١٠٩.
(٣) التوبة ١٠٠.

<<  <   >  >>