للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الرافضي أن (منهم) في قوله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم﴾ (١) للتبعيض وأنها تدل على انتفاء الإيمان والعمل الصالح عن بعضهم، فهذا من فرط جهله، وجرأته على الله، وكذبه عليه بما لا تحتمله الآية ولا يستند لقول أحد من أهل العلم في تفسيرها.

والذي عليه المفسرون وأهل العلم أن (من) في الآيه لبيان الجنس فيكون المعنى: (وعد الله الذين آمنوا من هذا الجنس) وهم

الصحابة.

قال القرطبي: «وليست من في قوله: (منهم) مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم، ولكنها عامة مجنسة مثل قوله تعالى: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ (٢) لايقصد للتبعيض لكنه يذهب إلى الجنس أي: فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب فأدخل (من) يفيد بها الجنس وكذا (منهم) أي: من هذا الجنس، يعني: جنس

الصحابة، ويقال: أنفق نفقتك من الدراهم أي: اجعل نفقتك

هذا الجنس». (٣)

وكذا قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: «من هذه لبيان الجنس». (٤)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: «فإن قيل لم قال: ﴿وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم﴾ (٥) ولم يقل: وعدهم كلهم؟

قيل: كما قال: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا

الصالحات﴾ (٦) ولم يقل: وعدكم و (من) تكون لبيان الجنس، فلا يقتضي أن يكون قد بقي من المجرور بها شيء خارج عن ذلك الجنس، كما في قوله تعالى: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ (٧) فإنه لا يقتضي أن يكون من الأوثان ما ليس برجس.


(١) سورة الفتح آية ٢٩.
(٢) سورة الحج آية ٣٠.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٢٨٢.
(٤) تفسير ابن كثير ٤/ ٢٠٥.
(٥) سورة الفتح آية ٢٩.
(٦) سورة النور آية ٥٥.
(٧) سورة الحج آية ٣٠.

<<  <   >  >>