للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان النبي بعدها يكرم ابن أم مكتوم ويقول له إذا رآه: (مرحباً بمن عاتبني فيه ربي) (١) وقال تعالى: ﴿يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وانعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه﴾. (٣)

إلى غير ذلك من الأمثلة في هذا الباب.

والمقصود هنا: هو التأكيد على أن كل ما ثبت في حق الصحابة من عتاب الله تعالى لهم، لا يوجب انتقاصهم به، إذا ما ثبت جنس ذلك في حق الرسول وهو بالمكانة المعروفة من ربه.

فثبت بهذا أنه لاحجة للرافضة فيما استدلوا به من آيات للطعن في الصحابة عند النظر والتدقيق، والبحث والتحقيق.

الوجه الثاني: أنا لو سلمنا جدلاً أن في تلك الآيات التي ذكر المؤلف ذماً لبعض الصحابة، فمن أين له الحكم على بعضهم أنهم هم المعنيون بها دون البعض الآخر، ممن تعتقد الرافضة عدالتهم من الصحابة، وعلى رأسهم علي ، فإن هذا التعيين يحتاج إلى دليل، وإلا فلغيره أن يدعى ما يشاء، وينزل تلك الآيات على من شاء من الصحابة، كما لو احتج الخوارج بتلك الآيات على تكفير علي أو النواصب على تفسيقه، فلن يجد المؤلف ولا غيره من الرافضة حجة يدفعون بها عن علي إلا بقول أهل السنة واعتقاد عدالة الصحابة جميعاً.

الوجه الثالث: أن الله تعالى أثنى في كتابه على الصحابة أبلغ الثناء، وزكاهم أعظم تزكية، وأخبر أنه رضي الله عنهم ورضوا عنه، ووصفهم بالإيمان


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٤٤٦، والقرطبي في تفسيره من رواية سفيان الثوري ١٩/ ٢٠٣.
(٢) سورة التحريم آيه ١.
(٣) سورة الأحزاب آيه ٣٧.

<<  <   >  >>