للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البخاري في صحيحه (١) وليس فيهما أي مطعن على أصحاب رسول الله كما زعم الرافضي، وذلك أن أنساً إنما قال ذلك إنكاراً على الحجاج بن يوسف الذي كان والياً على العراق لبني أمية، وكان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها -كما كان على ذلك بعض أمراء بني أمية- (٢) فأنكر ذلك أنس عندما كان مقيماً بالعراق على ما روى ثابت البناني قال: (كنا مع أنس بن مالك فأخر الحجاج الصلاة، فقام أنس يريد أن يكلمه فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيره ذلك: والله ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد النبي ) (٣) الخ كلامه.

ثم إن أنساً بعد ذلك ذهب إلى دمشق وتكلم بالأثر الثاني الذي رواه عنه الزهري بعد قدومه إلى دمشق.

قال ابن حجر: «كان قدوم أنس دمشق في إمارة الحجاج على العراق، قدمها شاكياً من الحجاج للخليفة، وهو إذ ذاك

الوليد بن عبد الملك». (٤)

فتبين أن قول أنس هو وصف لحال ذلك الزمان الذي

أدركه في آخر حياته، وما رأى فيه من التغيير، وتأخيير الصلوات عن

وقتها، من قبل بعض الأمراء في عهد الدولة الأموية. وأنس كان من المعمرين ببركة دعاء رسول الله حيث دعا له بطول العمر، فعن أنس قال: قالت أم سليم: خويدمك ألا تدعوا له؟ فقال: (اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له، فدعا لي بثلاث: فدفنت مائة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس وأرجو المغفرة). (٥)


(١) صحيح البخاري (كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها) فتح الباري ٢/ ١٣.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٩/ ٩٤.
(٣) ذكره ابن حجر في فتح الباري ٢/ ١٣.
(٤) فتح الباري ٢/ ١٣.
(٥) أخرجه البخاري في الأدب المفرد في (باب من دعا بطول العمر) الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد ٢/ ١٠٦.
وقد صحح الحديث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥/ ٢٨٤، ح ٢٢٤١.
وروى الحديث من طريق أخرى البخاري في صحيحة (كتاب الدعوات، باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر) فتح الباري ١١/ ١٤٤، ورواه مسلم في (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضل أنس) ٤/ ١٩٢٨ وليس في رواية الصحيحين (أطل حياته).

<<  <   >  >>