وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعض هذه المسائل فقال: «وكذلك قضى علي ﵁ في المفوضة بأن مهرها يسقط بالموت، مع قضاء النبي ﷺ في بروع بنت واشق بأن لها مهر نسائها. وكذلك
طلبه نكاح بنت أبي جهل، حتى غضب النبي ﷺ فرجع عن ذلك. وقوله لما ندبه وفاطمة النبي ﷺ إلى الصلاة بالليل فاحتج بالقدر، لما
قال: ألا تصليان فقال علي: إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فولّى النبي ﷺ وهو يضرب فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شئ جدلاً) وعلي عرف رجوعه عن بعضها فقط، كرجوعه عن خطبة بنت أبي جهل.
وأما بعضها كفتياه بأن المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين، وأن المفوضة لامهر لها إذا مات الزوج، وقوله إن المخيرة إذا اختارت زوجها فهي واحدة، مع أن رسول الله ﷺ خير نساءه ولم يكن ذلك طلاقاً، فهذه لم يعرف إلا بقاؤه عليها حتى مات، وكذلك مسائل كثيرة ذكرها الشافعي في كتاب (اختلاف علي وعبد الله)». (١)
قلت: وأعظم من هذا ما حصل في عهد علي ﵁ من الاقتتال العظيم بين المسلمين الذي كان أحد أطرافه حتى قتل من قتل من المسلمين، فإن كان علي ﵁ معذوراً في هذا وفي تلك المسائل التي خالف فيها، وهي كثيرة كما ذكر شيخ الإسلام، فعثمان أولى بالعذر في مسألة واحدة وافقه عليها من وافقه من الصحابة، وعذره الباقون، هذا مع ما امتاز به عهده من عصمة دماء المسلمين، حتى إنه
لم أطلت الفتنة برأسها وحاصره الثوار في البيت آثر المسلمين على نفسه، ونهى من أراد نصرته من الصحابة عن القتال حتى قتل شهيداً ﵁، بخلاف علي ﵁ الذي قاتل ورغّب في القتال معه، وهو في كل ذلك معذور بل مأجور ﵁ وأرضاه. وإنما أردت دحض شبهة هذا الرافضي الحاقد بما لا يستطيع رده ولا دفعه.