للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء من أمر دينهم إلا فصّله أبو بكر، فإنهم شكوا في موت النبي فبينه أبو بكر، ثم شكوا في مدفنه فبينه، ثم شكوا في قتال مانعى الزكاة فبينه أبو بكر، وبين لهم النص في قوله تعالى: ﴿لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين﴾ (١)، وبين لهم أن عبداً خيره الله بين الدنيا والآخرة، ونحو ذلك، وفسر الكلالة فلم يختلفوا عليه.

ولم يحفظ لأبي بكر فتيا تخالف نصاً، وقد وجد لعمر وعلي وغيرهما فتاوى كثيره تخالف النصوص، حتى جمع الشافعي مجلداً في خلاف علي وابن مسعود، وجمع محمد بن نصر المروزي كتاباًكبيراً في ذلك

وقد نقل غير واحد الإجماع على أن أبا بكر أعلم من علي منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني المروزي، أحد أئمة الشافعية، وذكر في كتابه تقويم الأدلة: الإجماع من علماء السنة أن أبا بكر أعلم

من علي، كيف وأبو بكر كان بحضرة النبي يفتي ويأمر وينهي

ويخطب كما كان يفعل ذلك إذا خرج النبي هو وإياه يدعو الناس إلى الإسلام، ولما هاجرا، ويوم حنين، وغير ذلك من المشاهد وهو ساكت يقره، ولم تكن هذه المرتبة لغيره.

وكان النبي في مشاورته لأهل الفقه والرأي يقدم في الشورى أبابكر وعمر، فهما اللذان يتكلمان في العلم، ويتقدمان بحضرته على سائر الصحابة». (٢) ثم ساق الروايات في ذلك

يقول الفيروزآبادي في صدد الرد على الرافضة في هذه المسألة: «هذه الدعوى كذب صراح وافتراء، لأن علم الصحابي إنما يعرف بأحد وجهين: أحدهما: كثرة روايته وفتواه، والثاني: كثرة استعمال النبي إياه، فمن المحال أن يستعمل النبي من لا علم له، وهذا من أكبر الشهادات وأبينها على العلم وسعته، فوجدنا النبي قد ولي أبا بكر للصلاة بحضرته طول علته، وجميع أكابر الصحابة حضور كعلي، وعمر، وعثمان، وابن مسعود، وأبيّ وغيرهم، فآثره


(١) سورة الفتح آية ٢٧
(٢) منهاج السنة ٧/ ٥٠٠ - ٥٠٣.

<<  <   >  >>