للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقدمه في العلم على كل الصحابة، راجع على سبيل

المثال ماجاء في الاستيعاب من أقول الصحابة أنفسهم فيه وتقديمهم له». (١)

وهذا من أكبر التلبيس ليوهم القارئ أن هذا الأثر الذي نسبه لابن عباس في كتاب الاستيعاب، مع أنه لا يوجد فيه، ولعله أخذه من كتب الرافضة فأراد أن يدعمه بما ادعى من إجماع صحاح أهل السنة على أن علياً كان أفضل الصحابة وأعلمهم، وهذا لوثبت لما كان فيه أي دلالة على صحة نسبة هذا الأثر لابن عباس، فنسبة الأثر

لابن عباس شيء، وما ادعى من أن علياً كان أعلم الصحابة شيء آخر.

والناظر في معنى هذا الأثر يعلم فساده وبطلان نسبته لابن عباس دون النظر في سنده، فإن معناه باطل قطعاً، وفيه من الغلو ما يخرج علياً عن طبيعته البشرية إلى مضاهاة الخالق في علمه، بل لو قيل هذا الأثر في نبي من الأنبياء لكان هذا غلواً ظاهراً فكيف بعلي!! فإن هذا التفاوت العظيم في نسبة العلم لا يكون بين المخلوقين، وهذا شبيه جداً بما ثبت في قصة الخضر مع موسى في الصحيحين وفيها: (فلما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة أو نقرتين، قال له الخضر: ياموسى ما نقص علمي وعلمك

من علم الله، إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر) (٢)، والرافضة كثيراً ما يعمدون لصفات الله تعالى ويثبتونها لعلي، كما هو معلوم من كتبهم، وكما في هذا الأثر المنسوب لابن عباس زوراً وبهتاناً والذي يأباه الدين والعقل، وتظهر عليه آثار الوضع، وأما ما ادعاه من إجماع صحاح أهل السنة على أن علياً كان أفضل الصحابة وأعلمهم، فكذب صريح وافتراء عظيم على أهل السنة، فإن أهل السنة متفقون على أن أبا بكر الصديق كان أعلم الصحابة وأفضلهم، ثم من بعده


(١) ثم اهتديت ص ١٧٣.
(٢) أخرجه البخاري في: (كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى ) فتح الباري ٦/ ٤٣١ - ٤٣٢، ح ٣٤٠١، ومسلم: (كتاب الفضائل، باب من فضائل الخضر ) ٤/ ١٨٤٧، ح ٢٣٨٠.

<<  <   >  >>