للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء، وزعم أن سنة الرسول لم تدون على ما روى أهل السنة في صحاحهم أن رسول الله منعهم من كتابة سنته، وكذلك فعل أبو بكر وعمر إبان خلافتهم.

قال: فلا يبقى بعد ذلك حجة في قولنا: (تركت فيكم سنتي).

وجواب هذا: أن الحديث الأول وهو (تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي) (١) لم يصح وقد ضعفه أهل العلم كما نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: «وأما قوله (وعترتي أهل بيتي) وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فهذا رواه الترمذي، وقد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه، وضعفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح، وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة، قالوا: ونحن نقول بذلك، كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلي وغيره.

لكن أهل البيت لم يتفقوا -ولله الحمد- على شئ من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرؤون المنزهون عن التدنس بشيء

منه». (٢)

كما جمع طرق هذا الحديث وحكم بضعفها مؤيداً كلامه بالنقول عن أهل العلم: الدكتور علي السالوس في كتابه: (حديث الثقلين وفقهه). (٣)

وأما الحديث الثاني وهو: (يوشك أن يأتي رسول ربي، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)، فحديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه (٤) لكن ليس فيه حجة للرافضة، فإن الذي تضمنه الحديث وصية


(١) أخرجه الترمذي في: (كتاب المناقب، باب في مناقب أهل البيت» ٥/ ٦٦٢، ح ٣٧٨٦، وأحمد في المسند ١/ ١٤، ١٧، ٢٦، ٥٩.
(٢) منهاج السنة ٧/ ٣٩٤ - ٣٩٥.
(٣) انظر: الكتاب المذكور ص ١٥ - ٢٨.
(٤) صحيح مسلم: (كتاب فضائل الصحابه، باب من فضائل علي بن
أبي طالب ) ٤/ ١٨٧٣، ح ٢٤٠٨.

<<  <   >  >>