أبكي لصبيات خلف هذا الستر، لولاهن لهان علي الموت. إني لمؤمن، وإني لتائب، وإن الله لغفور رحيم. قلت: رحمك الله فالذي رجوته لمغفرة ذنبك فارجه لخير بناتك. فقال: صدقت، جزاك الله خيراً.
وقال أبو الحسن عن معاوية بن محمد عن عبد الله بن بجير قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاصي لأبيه: يا أبه، كنت تقول: ليتني ألقى رجلاً عاقلاً عند نزول الموت به يحدثني ما يجد. وقد نزل بك وأنت ذلك الرجل فصف لي الذي تجد. قال: يا بني لكأن جنبي في تخت ولكأني أتنفس من سم إبرة، ولكأن غصن شوك يجر به من قدمي إلى هامتي. ثم قال متمثلاً قول أمية بن أبي الصلت: الخفيف
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
والله ليتني كنت حيضةً عركها الإماء. ثم مد يده فقال: اللهم، إني لست ذا قوة فأنتصر، ولا ذا براءة فأعتذر. اللهم إني مقر مذنب مستغفر.
وقال عوانة: قال عمرو بن العاصي عند موته: اللهم، إنك أمرتنا فلم نأتمر، وزجرتنا فلم ننزجر، فإنا لا نعتذر، ولكنا نستغفر.