أبوا أن يفرّوا والقنا في نحورهم ... فماتوا وأطراف القنا تقطر الدّما
ولو أنّهم فرّوا لكانوا أعزّة ... ولكن رأوا صبراً على الموت أكرما
هوت أمّهم ماذا بهم يوم صرّعوا ... بجيشان من أسباب مجدٍ تصرّما
والقائل: الوافر
ألا لهف الأرامل واليتامى ... ولهف الباكيات على قصيّ
لعمرك ما خشيت على قصيّ ... منيّة بين سلعٍ والسّليّ
ولكنّي خشيت على قصيّ ... جريرة رمحه في كلّ حيّ
فأحسن الشعر ما خلط مدحاً بتفجع، واشتكاءً بفضيلة، لأنه يجمع التوجع الموجع تفرجاً، والمدح البارع اعتذاراً من إفراط التفجع باستحقاق المرثي وإذا وقع نظم ذلك بكلامٍ صحيح ولهجة معربة ونظم غير متفاوت فهو الغاية من كلام المخلوقين.
واعلم أن قول الخنساء من أجمل الكلام حيث تقول: البسيط
وإنّ صخراً لوالينا وسيّدنا ... وإنّ صخراً إذا نشتو لنحّار
وإنّ صخراً لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علمٌ في رأسه نار
فجعلته موضعاً للسؤدد ومعنيّاً بأمر العشيرة لقولها: لوالينا وسيدنا، وجواداً مفضلاً نحاراً في وقت الأقتار والشتوة، ثم قالت: وإن صخراً لتأتم الهداة به فجعلته إمام