ذكر الله تعالى العناصر التي خلق منها آدم عليه السلام، ونبَّه على أنه جعله إنساناً في سبع درجات. وأشار إلى ذلك في مواضع مختلفة حسب ما اقتضته الحكمة، فقال في موضعٍ خَلَقَه من تراب إشارةً إلى المبدأ الأول. وفي آخر من طين إشارة إلى الجمع بين التراب والماء. وفي آخر من حمإٍ مسنون إشارة إلى الطين المتغير بالهواء أدنى تغير. وفي آخر من طين لازب إشارة إلى الطين المستقر على حالة من الاعتدال يصلح لقبول الصورة. وفي آخر من صلصال من حمإٍ مسنون إشارة إلى يبسه وسماع صلصلة منه، وفي آخر من صلصال كالفخار، وهو الذي قد أُصلح بأَثر من النار فصار كالزخرف، وبهذه القوة النارية حصل في الإنسان أثر من الشيطنة وعلى هذا المعنى دلَّ بقوله:(خلق الإنسان من صلصال كالفخَّار وخلق الجانَّ من مارج من نار) . فنبه على أن الإنسان فيه من القوة الشيطانية بقدر ما في الفخار من أثر النار وأن الشيطان ذاته من المارج الذي لا استقرار