في تكوين الإنسان شيئاً فشيئاً حتى يصير إنساناً كاملاً الإنسان يكون أولاً جماداً ميتاً قال الله تعالى:(وكنتم أمواتاً فأحياكم) وذلك حيث كان تراباً وطيناً وصلصالاً ونحوها. ثم يصير نباتاً نامياً كما قال الله تعالى:(والله أنبتكم من الأرض نباتاً) وذلك حيث ما كان نطفة وعلقة ومضغة ونحوها. ثم يصير حيواناً وذلك حيث ما يتبع بطبعه بعض ما ينفعه ويحترز من بعض ما يضره. ثم يصير إنساناً مختصاً بالأفعال الإنسانية وقد نبه الله تعالى على ذلك في مواضع نحو قوله:(يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة) . وقوله:(أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوَّاك رجلاً) . فأول ما يظهر فيه قوة النزاع الموجودة في النبات والحيوان، ثم قوة تناول الموافق ودفع المخالف، ثم الحس ثم التخيل ثم التصور ثم التفكر ثم العقل، فهو لم يصر إنساناً إلاّ بالفكر والعقل