للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) . إنما سأله أن يريه الحياة المتعرية عن العوارض العارضة للحيوانات فقال: أو لم تؤمن أي أو لم تتحقق؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي أي ليتصور لي كيفية الطمأنينة أي تبري النفس من الشره والحرس والأمل والإفتخار وأعاين الحالة المذكورة في قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي) . فأمره أن يأخذ أربعة طيور. غراباً وهو المخصوص بالحرص والشره. ونسراً وهو المخصوص بالأمل وطاووساً وهو المخصوص بالإفتخار. وديكاً بالشبق، فأَمره أَن يقطّعهن ويصرهنَّ أي يدعوهن، ولما فعل ذلك صِرن إليه عاجلاً فنبه الله تعالى بذلك على أن الإنسان وإن اجتهد كلَّ الاجتهاد في حذف هذه المعاني عن نفسه وتطهير ذاته منها لن يتطهر ما دامت البشرية الدنيوية حاصلة له ولن تحصل له الطمأنينة المطلوبة. فأَما ما يدعيه قوم أن من الناس من قد تجرد عن هذه الخصائص حتى يستغني عن الطعام والشراب ويصير بحيث لا تعتريه الأخلاق البهيمية فهذا إن حصل في بعض الناس فإذ ذلك يكون ملكاً متشبحاً يسمى بإسم الإنسان على سبيل الإشتراك في الإسم، فيكون متبدل الجوهر تبدل جوهر النار إذا صارت برداً وسلاماً، وتبدل الدُعموص إذا صار ضفدعاً، والدود إذا صار فراشاً، وكثيراً من النبات إذا صار جوهراً آخر، وجيواناً كدودة القز وليس ذلك بمنكر في القدرة الإلهية وهو حينئذ خارج عن

<<  <   >  >>