للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا. فَنَزَلَتْ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ١ وَالْمَعْنَى: فَحَلَقٌ فَفِدْيَةٌ. فَاقْتَضَى هَذَا الْكَلامُ إِبَاحَةَ حَلْقِ الشَّعْرِ عِنْدَ الأَذَى مَعَ الْفِدْيَةِ وَصَارَ نَاسِخًا لِتَحْرِيمِهِ الْمُتَقَدِّمِ.

قُلْتُ: وَفِي هَذَا بعد من وجهين:

أحدهما: أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً} تَأَخَّرَ عَنْ نُزُولِ أَوَّلِ الْآيَةِ وَلا يَثْبُتُ هَذَا. وَالظَّاهِرُ نُزُولُ الْآيَةِ فِي مَرَّةٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَتَجِدُ شَاةً" ٢ وَالشَّاةُ هِيَ النُّسُكُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ نُسُكٍ}.

وَالثَّانِي: إِنَّا لَوْ قَدَّرْنَا نُزُولَهُ مُتَأَخِّرًا فَلا يَكُونُ نَسْخًا، [لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ بِذِكْرِ الْعُذْرِ أَنَّ الْكَلامَ] ٣ الأَوَّلَ لِمَنْ لا عُذْرَ لَهُ، فَصَارَ التَّقْدِيرُ: وَلا تَحْلِقُوا رؤسكم إلا أن يكون منكم مريض أَوْ مَنْ يُؤْذِيهِ هَوَامُّهُ فَلا ناسخ ولا منسوخ٤.


١ رواه الشيخان في صحيحيهما، عن كعب بن عجزة.
انظر: صحيح البخاري مع الفتح٩/ ٢٥٢، من كتاب التفسير، وصحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ١١٨، في باب حلق الرأس للمحرم إذا كار به أذى.
٢ في (هـ): اتخذ، وهو تصحيف.
٣ ساقطة من (هـ)، وفي (م): لأن الكلام، ولعل اللام زيادة من الناسخ.
٤ قلت: لم يتعرض لدعوى النسخ النحاس، ومكي بن أبي طالب، ولا المؤلف في مختصر عمدة الراسخ في هذه الآية، إنما أورد ذلك ابن حزم الأنصاري وابن هلال في ناسخيهما، بأنه منسوخ بالاستثناء، بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً} وحكى المؤلف دعوى النسخ عن شيخه علي بن عبيد الله، في زاد المسير. انظر: معرفة الناسخ والمنسوخ ص:٣٢٢؛ والإيجاز في الناسخ والمنسوخ المخطوطة ورقة (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>