للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ ص

ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} ١.

وَمَعْنَى الْكَلامِ: إِنِّي مَا عَلِمْتُ قِصَّةَ آدَمَ: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ} ٢ إِلا بِوَحْيٍ وَعَلَى هَذَا الآيَةُ مُحْكَمَةٌ، وَقَدْ زَعَمْ بَعْضُ مَنْ قَلَّ فَهْمُهُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ٣. وَقَدْ رَدَدْنَا مِثْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي نَظَائِرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ٤

ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ٥ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لا فَهْمَ لَهُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ وَعِيدٌ بِعِقَابٍ إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِوَقْتِهِ الْمَوْتُ أو القتل والقيامة وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ قِتَالَ الكفار٦.


١ الآية (٧٠) من سورة ص.
٢ الآية (٧١) من السورة نفسها.
٣ ذكره ابن حزم في المصدر السابق وابن سلامة في ناسخه ص: ٧٦، وابن هلال في ناسخه (٣١).
٤ قلت: لم يذكر المؤلف هذه السورة في مختصر عمدة الراسخ إطلاقاً، وقد فسر هذه الآية في زاد المسير ١٧/ ١٥٥، ـ كما فسرها الطبري في جامع البيان٢٣/ ١٧٨ - بما يؤيد إحكامها. وقد سبق أن رد المؤلف دعوى النسخ في أشباه هذه الآية. انظر: مثلاً مناقشة الآية (٩٢) من سورة النمل، و (٥٠) من سورة العنكبوت.
٥ الآية (٨٨) من سورة ص.
٦ قلت: ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم، وابن سلامة، وابن هلال، في المصادر السابقة وقال ابن سلامة: فمن يجعل الحين (الدهر) لا نسخ فيها. فأما النحاس ومكي ابن أبي طالب فلم يتعرض للنسخ في هذه الآية ولا في التي قبلها. وذكر المؤلف في زاد المسير بأن المراد بالحين الموت أو القيامة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكر المعنى الأول عن قتادة، وقال ابن كثير: (لا منافاة بين القولين، فإن من مات دخل في حكم القيامة، وقال قتادة في قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} قال الحسن: يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين). انظر: زاد المسير ٧/ ١٥٩، وتفسير القرآن العظيم ٤/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>