لقد رأينا المؤلف ابن الجوزي -رحمه الله- في مقدمة الكتاب يرسم نموذجاً للخطة التي قرر السير عليها في هذا الكتاب، ونحن الآن نعرض تلك الخطة عرضاً سريعاً، لنرى مدى التزامه بها أثناء التأليف.
فيقول في نهاية الباب السابع من المقدمة: إنه "يبين صحة الصحيح وفساد الفاسد)) يعني بذلك: أنه يقوم بإيضاح الصحة والخطأ في دعاوي النسخ.
نعم، حينما نقارن بين ما التزمه وبين ما فعله في معالجة قضايا النسخ نجده يبين الخطأ بإثبات الإحكام في (٢٠٥) واقعة تقريباً بينما يختار وقوع النسخ في (٢٢) قضية، ولكن هناك وقائع أخرى تصل إلى عشرين قضية لم يصححها ولم يضعفها ولم يردها، بل وقف فيها موقف المحايد بعد إيراد أدلة الفريقين أو سرد أقوالهم.
كما وجدناه أيضاً لا يقف موقفاً واحداً تجاه آيات وردت بمعنى واحد، وهو الإعراض عن المشركين، حيث نسب دعوى النسخ في الآيات (٦٣) و (٨١) من سورة النساء و (١٠٦) من الأنعام و (٩٤) من الحجر و (٣٠) من السجدة، إلى المفسرين بدون رد ولا اعتراض على ذلك بينما قال في آية (٦٨) من الأنعام: "ويشبه أن يكون الإعراض ههنا منسوخاً بآية السيف"، وقال في آية النجم (٢٩): "زعموا أنها منسوخة" علماً بأن هذه الآيات السبع كلها وردت في