للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا فَنُسِخَتِ الْآيَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَؤُلاءِ يُجِيزُونَ نَسْخَ الْقُرْآنِ (بِالسُّنَّةِ) ١ وَهَذَا قَوْلٌ مُطْرَحٌ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ التَّوَاتُرُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَأَمَّا أَنْ يُنْسَخَ الْقُرْآنُ بِأَخْبَارِ الآحَادِ فَلا يَجُوزُ ذلك وهذا مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ.

وَقَالَ الآخَرُونَ: السَّبِيلُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ هُوَ الآيَةُ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ٢.

وقال آخَرُونَ: بَلِ السَّبِيلُ قُرْآنٌ نَزَلَ ثُمَّ رُفِعَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ٣.

وَظَاهِرُ حَدِيثِ عُبَادَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، (لِأَنَّهُ) ٤ قَالَ: (قَدْ جَعَلَ الله لهن سبيلاً) فأخبر أن اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُنَّ السَّبِيلَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِوَحْيٍ لَمْ تَسْتَقِرَّ تِلاوَتُهُ٥ وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لا يَرَى نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ٦، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِمَاذَا ثبت الرجم على قولين:


١ انظر: مثلاً كلام الجصاص حيث يثبت هذا النسخ مستدلاً على نسخ القرآن بالسنة، في أحكام القرآن٢/ ١٠٧، ويروي ذلك ابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (٢٢) عن هبة الله المفسر.
٢ يقول السيوطي في الدر المنثور٢/ ١٢٩: أخرج آدم وأبو داود في سننه والبيهقي عن مجاهد، قال: السبيل الحد.
٣ وهو اختيار مكي بن أبي طالب في ناسخه (١٨٠).
٤ في (هـ): الآية، وهو تحريف.
٥ ذكر المؤلف هذا الرأي في تفسيره٢/ ٢٦، ثم قال: صححه أبو يعلى.
٦ تقدم الكلام عن هذا بالأدلة في مقدمة المؤلف في بَابُ ذِكْرِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي النَّسْخِ أم لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>