للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِوَجْهَيْنِ:

أحدهما: أَنَّ الآيَةَ سِيقَتْ لِبَيَانِ عُقْدَةِ النكاح بقوله: {مُحْصِنِينَ} أَيْ: مُتَزَوِّجِينَ، عَاقِدِينَ النِّكَاحَ، فَكَانَ مَعْنَى الْآيَةِ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ الْمَوْصُوفِ فَآتُوهُنَّ مُهُورَهُنَّ، وَلَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ، وَلا حاجة إلى التكلف، وإنما أجاز المتعة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مُنِعَ مِنْهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ. نَسْخُهُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ١.

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ٢.

هَذِهِ الآيَةُ عَامَّةٌ فِي أَكْلِ الْإِنْسَانِ مَالَ نَفْسِهِ، وَأَكْلِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِالْبَاطِلِ.

فَأَمَّا أَكْلُهُ مَالَ نَفْسِهِ بِالْبَاطِلِ فَهُوَ إِنْفَاقُهُ فِي معاصي الله عزوجل.


١ قلت: رد المؤلف في تفسيره٢/ ٥٤ دعوى النسخ بنحو مارد به هنا، وقال: "إن الآية لم تتضمن جواز المتعة، لأنه قال فيها: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} فدل ذلك على النكاح الصحيح".
قال الزجاج: "ومعنى قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: عاقدين التزويج) (فأتوهن أجورهن) أي: مهورهن. ومن ذهب في الآية إلى غير هذا فقد أخطأ وجهل اللغة". انتهى.
وقد ذكر قول الإحكام مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: ١٨٦، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ.
٢ الآية (٢٩) من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>