للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ حَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ وُكِّلْنَا إِلَى الآيَةِ لَكَانَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصَّلَوَاتِ) ١ بِطَهُورٍ وَاحِدٍ، بَيَّنَهَا فَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِذَا قُمْتُمْ وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ فَاغْسِلُوا٢.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ نُسِخَ بِوَحْيٍ لَمْ تَسْتَقِرَّ تِلاوَتُهُ. فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أبو جعفر ابن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ٣ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلا مِنْ حَدَثٍ"٤.

ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} ٥.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هَذَا مَنْسُوخٌ أم محكم؟ على قولين،:


١ في (هـ): الصلاة.
٢ تجد نصّ كلام النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: ١٢٠.
٣ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ ابن عامر الراهب الأنصاري الصحابي وأبوه غسيل الملائكة قتل يوم أحد، وأم عبد الله جميلة بنت عبد الله بن أبي، استشهد عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة ٦٢هـ. وكان أمير الأنصار بها يومئذ. انظر: التقريب (١٣١).
٤ أخرجه الطبري في جامع البيان٦/ ٧٣ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رضي الله عنهما، وذكره السيوطي في الدر المنثور٢/ ٢٦٢، وزاد نسبته إلى أحمد وأبي داود، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، والبيهقي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ.
قلت: لم يتعرض المؤلف في مختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ هنا، ونقل إحكام الآية في زاد المسير٢/ ٢٩٩ عن علي وعكرمة وابن سيرين كما نقل دعوى النسخ عن جماعة، ولم يبد رأيه. وأما الطبري فقد فسر الآية بما يؤيد إحكامها، وهو اختيار مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: ٢٢٨.
٥ الآية (١٣) من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>