للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَبَ إِلَى حُجْرٍ، وَعَلَيْهِمْ مِنْذِرُ بْنُ (سَاوِيٍّ) ١ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلامِ، فَإِنْ أَبَوْا فَلْيُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ عَرَضَهُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَأَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَكَرِهُوا الْإِسْلامَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا الْعَرَبُ فَلا تَقْبَلُ مِنْهُمْ إِلا الْإِسْلامَ أَوِ السَّيْفَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ فَاقْبَلْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ) فَلَمَّا قرؤوا الْكِتَابَ أَسْلَمَتِ الْعَرَبُ (وَأَعْطَى) ٢ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ الْجِزْيَةَ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: عَجَبًا لِمُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ لِيُقَاتِلَ النَّاسَ كَافَّةً حَتَّى يُسْلِمُوا، وَقَدْ قَبِلَ مِنْ مَجُوسِ هَجْرٍ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ، الْجِزْيَةَ، فَهَلا أَكْرَهَهُمْ عَلَى الْإِسْلامِ وَقَدْ رَدَّهَا عَلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْعَرَبِ. فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ٣.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ (لَمَّا عَابَهُمْ) ٤ فِي تَقْلِيدِ آبَائِهِمْ بِالآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَعْلَمَهُمْ بِهَذِهِ الآيَةِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ لا يضره ضلال


١ في (هـ): ساري، بالراء، وهو تصحيف والصواب منذر بن ساوي. وهو ابن عبد الله بن زيد التميمي الدارمي صحابي جليل كان عامل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على البحرين، وقيل هو من عبد القيس ذكره ابن قانع وجماعة، وجاء ذكر كتابة الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه في ترجمة نافع بن أبي سليمان، انظر: أسد الغابة٤/ ٤١٧؛ وتجريد أسماء الصحابة٢/ ٩٥.
٢ كلمة أعطى مكررة في (هـ).
٣ رواه الواحدي في أسباب النزول ص: ١٤٢، من طريق الكلبي عن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وفيه: (عجباً من محمد يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ لِيُقَاتِلَ الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر مارد على مشركي العرب، فأنزل الله تعالى هذه الآية، يعني: من ضل من أهل الكتاب) انتهى. وعن مقاتل قال: إنه لما طعن المنافقون في قبول الرسول الجزية من مجوس هجر نزلت هذه الآية. ذكره المؤلف في زاد المسير٢/ ٤٤١.
٤ في (هـ): لها عالهم، وهو تحريف ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>