للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ١. قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ٢ وَهَذَا (غَلَطٌ) ٣؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ (أَرَادُوا) ٤ النَّسْخَ حَقِيقَةً وَلَيْسَ هَذَا بِنَسْخٍ، وَإِنْ أَرَادُوا التَّخْصِيصَ (وَأَنَّهُ خُصَّ) ٥ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ طَعَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَلَى الذَّبِيحَةِ فَيُحْمَلُ أَمْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ تَيَقَّنَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذِكْرَهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَنْ نِسْيَانٍ، وَالنِّسْيَانُ لا يَمْنَعُ الْحِلَّ، فَإِنْ تَرَكُوا لا عَنْ نِسْيَانٍ، لَمْ يَجُزِ الأَكْلُ فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ أَصْلا.

وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عليه الْبَتَّةِ٦ فَقَدْ خَصَّ عَامًّا، وَالْقَوْلُ بِالْعُمُومِ أَصَحُّ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ. لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا عِنْدَهُ الْمَيْتَةُ أو يكون نهي كراهة٧.


١ الآية (١٢١) من سورة الأنعام.
٢ الآية الخامسة من المائدة. ذكر النسخ الطبري بإسناده في جامع البيان٨/ ١٠٦ - ١٠٧ عن عكرمة والحسن من طريق الحسين بن واقد - وفيه مقال - وقد جاء فيه نسخ ثم استثنى.
٣ في (هـ) بالظاء المعجمة وهو خطأ من الناسخ.
٤ في (هـ): أراد بالإفراد وهو خطأ من الناسخ.
٥ في (هـ): وإن خص، ولعل هاء الضمير سقط من الناسخ.
٦ روى ذلك ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس كما ذكره السيوطي في الدر المنثور٣/ ٤٢.
٧ قلت: للمؤلف كلام شبيه بهذا في كتابيه التفسير والمختصر، وممن اختار إحكام الآية الطبري في المصدر السابق والنحاس ص: ١١٤، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>