للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا نُسِخَتْ بِمَا ذُكِرَ فِي الْمَائِدَةِ مِنَ الْمُنْخَنِقَةِ، وَالْمَوْقُوذَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ١ وَقَدْ رَدَّ قَوْمٌ هَذَا الْقَوْلَ، بِأَنْ قَالُوا: كُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمَيْتَةِ، وَقَدْ ذكرت الميتة ها هنا فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ، وَزَعَمَ قَوْمٌ: أَنَّهَا نُسِخَتْ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ، وَبِالسُّنَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ٢ وَمَخْلَبٍ٣ مِنَ الطَّيْرِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، أَمَّا آيَةُ الْمَائِدَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ الآيَةِ.

وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا، لِأَنَّ مَرْتَبَةَ الْقُرْآنِ لا يُقَاوِمُهَا أَخْبَارُ الأَحَادِ وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ السُّنَّةَ خَصَّتْ ذَلِكَ الإِطْلاقَ أَوِ ابْتَدَأَتْ حُكْمًا، كَانَ أَصْلَحَ. وَإِنَّمَا الصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تَكُنِ الْفَرَائِضُ قَدْ تَكَامَلَتْ وَلا الْمُحَرَّمَاتُ الْيَوْمَ قَدْ تَتَامَّتْ، وَلِهَذَا قَالَ: {فِي مَا أُوحِيَ} عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي وَقَدْ كَانَ حينئذ من قال: لا إله إلِا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ، وقعت


١ كما جاء ذلك في الآية الثالثة من سورة المائدة.
٢ روى هذا الحديث البخاري في صحيحه١٢/ ٧٨ عن أبي ثعلبة.
٣ المخلب بكسر الميم، وهو: للطائر والسبع كالظفر للإنسان، لأن الطائر يخلب بمخلبه الجلد أي يقطعه ويمزقه. انظر: المصباح المنير ١/ ١٠٠ وقد جاء النهي عن مخلب الطير في حديث مسلم من طريق ميمون بن مهران عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما. انظر: صحيح مسلم مع شرح النووي١٢/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>