للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ١. وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَعْنَى: لا تَعْجَلْ بِطَلَبِ عَذَابِهِمُ الَّذِي (يَكُونُ) ٢ فِي الآخِرَةِ فَإِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ أعمارهم (سَرِيعَةُ) ٣ الْفَنَاءِ، فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ. وإن كان المعنى: ولا تَعْجَلْ بِطَلَبِ قِتَالِهِمْ، فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُؤْمَرْ حِينَئِذٍ بِالْقِتَالِ فَنَهْيُهُ عَنِ الاسْتِعْجَالِ بِطَلَبِ الْقِتَالِ، وَاقِعٌ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ أَمْرُهُ بِقِتَالِهِمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لا يُنَافِي النَّهْيَ عَنِ طَلَبِ الْقِتَالِ بِمَكَّةَ فَكَيْفَ يُتَوَجَّهُ النَّسْخُ. فَسُبْحَانَ مَنْ قَدَّرَ وُجُودَ قَوْمٍ جُهَّالٍ يَتَلاعَبُونَ بِالْكَلامِ فِي الْقُرْآنِ، ويدعون نَسْخَ مَا لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ، نَعُوذُ بالله منه٤.


١ ذكره ابن حزم وابن سلامة في المصدرين السابقين.
٢ في (هـ): كون، وهو تحريف.
٣ في (هـ): شريعة، وهو تحريف.
٤ لم يتعرض المؤلف في مختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ هنا وقد ذكره في زاد المسير٥/ ٢٦٢، ثم رده بقوله: (وهذا ليس بصحيح). وأما أبو جعفر النحاس فأعرض عن ذكر دعوى النسخ في الآيات الخمسة المذكورة هنا، كما أعرض عن الأربعة منها مكي بن أبي طالب. إنما ذكر في واحدة منها كما قدمنا آنفاً ثم رد على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>