للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نَطْلُبُ (مُجَاوَرَتَهُمْ) ١ قَالَ الأَكْثَرُونَ: فَنُسِخَتْ هَذِهِ الآيَةُ، بِآيَةِ السَّيْفِ٢.


١ في (م): مجاوزتهم، وفي (هـ): محادرتهم، كلاهما تحريف والصواب ما سجلت من المصدر السابق.
٢ أورد المؤلف هذه القضية بنصها في زاد المسير ٦/ ٢٣٠، وأوردها بالاختصار في مختصر عمدة الراسخ بدون ترجيح.
قلت: نحن لو رجعنا إلى كلام المؤلف في سورة البقرة عند قوله تعالى: {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} البقرة (١٣٩) حيث يورد أربعة أوجه لإثبات إحكام الآية نجد أن وجهين منها تنطبقان على هذه الآية أيضاً، وهما: أن الآية خبر خارج مخرج الوعيد والتهديد، وأن المنسوخ ما لا يبقى له حكم، وحكم هذا الكلام لا يتغير فإن كل عامل له جزاء عمله فلو ورد الأمر بقتالهم لم يبطل تعلق أعمالهم بهم. راجع مناقشة الآية المذكورة، وراجع أيضاً مناقشة الآية (١٥) من الشورى من هذا الكتاب حيث أثبت هناك إحكام ما تشبه هذه الآية.
وأما قوله: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} فقد سبق آنفاً رد المؤلف في آية الفرقان على فرض أن المراد بالجاهلين، هم المشركون، فمعناه: قالوا: السداد والصواب في الرد عليه. وحسن المحاورة في الخطاب لا ينفي القتال فلا وجه للنسخ. انظر: مما سبق مناقشة الآية (٤٣) من سورة الفرقان.
ويؤيد ذلك قول مكي بن أبي طالب في الآية حيث قال: ذكر بعض العلماء أن الآية منسوخة بالنهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن السلام على الكفار، وقيل: هي منسوخة بالقتال. والذي عليه أهل النظر - وهو الصواب - أنها محكمة غير منسوخة، ومعنى: السلام فيها: المتاركة والمداراة من الكفار، وليس سلام التحية المحظور، بقوله: {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} طه (٤٧).
ويقول عن قوله: {لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} قال مجاهد: لا نطلب عمل الجاهلين، فهي محكمة. انظر: كلام مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>