للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} ١.

زَعَمَ قَوْمٌ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نَاسِخِهَا: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: آيَةُ السَّيْفِ٢، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ نَاسِخَهَا {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} ٣ وَهَذَا قَدْ يُخَيِّلُ أَنَّ مَعْنَى قوله {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} أَعْرِضْ٤ عَنْ كَلامِهِمْ، فَلا تُكَلِّمْهُمْ، وَفِي هَذَا بُعْدٌ فَلَوْ قَالَ: هَذَا إِنَّ الْمَعْنَى أَعْرِضْ عَنْ قِتَالِهِمْ صَلُحَ نَسْخُهَا بِآيَةِ السَّيْفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الآيَةِ أَعْرِضْ عَنْ مُجَادَلَتِهِمْ فَقَدْ أَوْضَحْتَ لَهُمُ الْحِجِجَ، وَهَذَا لا يُنَافِي قتالهم٥.


١ الآية (٥٤) من سورة الذاريات.
٢ ذكره مكي بن أبي طالب في المصدر السابق ولم يعز إلى أحد.
٣ الآية (٥٥) من السورة نفسها.
وقد ذكر هذا القول السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١٦ معزياً إلى أبي داود في ناسخه، كما ذكر نحوه النحاس في ناسخه (٢٢٥) عن الضحاك، وابن سلامة في ناسخه (٨٦).
٤ في (هـ): أعراضهم، وهو تحريف.
٥ قلت: عرض المؤلف الرأيين في هذه الآية في زاد المسير ٨/ ٤٢ كما ذكر قول النسخ عن المفسرين في مختصر عمدة الراسخ ورقة (١٣) بدون ترجيح، أما النحاس ومكي بن أبي طالب فقد أورد عن الضحاك أن هذه الآية منسوخة بالأمر بالتبليغ. انظر: الناسخ والمنسوخ ص: ٢٢٥ والإيضاح ص:٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>