للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت طَائِفَةٌ: قَدْ كَانَ شَرْطُ رَدِّهِنَّ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ فَنَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى رَدَّهُنَّ مِنَ العقد وأبقاه في الرجال١.

وقال طائفةلم يَشْرُطْهُ صَرِيحًا بَلْ كَانَ ظَاهِرُ الْعُمُومِ اشْتِمْالَ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ مَعَ الرجال فبين الله عزوجل خُرُوجَهُنَّ عَنْ عُمُومِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُنَّ وبين الرجال، لأمرين:

أحدهما: أَنَّهُنَّ ذَوَاتُ فُرُوجٍ تَحْرُمْنَ عَلَيْهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ أَرَقُّ قُلُوبًا وَأَسْرَعُ تَقَلُّبًا.

فَأَمَّا الْمُقِيمَةُ عَلَى شِرْكِهَا فَمَرْدُودَةٌ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: "إِنَّمَا لَمْ يَرُدَّ النِّسَاءَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ النَّسْخَ جَائِزٌ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعِ الْفِعْلُ٢. فَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَآتُوهُمْ} يَعْنِي: أَزْوَاجَهُنَّ الْكُفَّارَ، {مَا أَنْفَقُوا} يَعْنِي: الْمَهْرَ، وَهَذَا إِذَا تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا أَحَدٌ، فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ شَيْءٌ، وَالأُجُورُ: الْمُهُورُ {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ٣

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ٤ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بالكوافر (الوثنيات) ثم لو


١ قاله النحاس عن جماعة من العلماء في الناسخ والمنسوخ (٢٣٧) ومكي بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (٣٧٤)، والقرطبي في تفسيره ١٨/ ٦٣، ثم قالوا وهذا مذهب من يرى نسخ السنة بالقرآن. وذكره المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (١٣) ثم قال: وقد نص أحمد على هذا.
٢ أورد المؤلف هذه الآراء بنصها في زاد المسير٨/ ٢٤٠ ولم ينسبها إلى أحد.
٣ الآية العاشرة من سورة الممتحنة.
٤ الآية الخامسة من سورة المائدة، ذكر دعوى النسخ هنا النحاس في الناسخ والمنسوخ (٢٤٨) عن قوم وذكر الإحكام عن قوم ولم يرجح، فأما المكي بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخة (٣٧٥) والمؤلف في تفسيره٧/ ٢٤٣، ذكرا النسخ ثم ردا هذا القول، وقالا:
وهذا تخصيص لا نسخ، عام في كل كافر، مخصص بإباحة إمساك الكتابيات زوجات، فالآية في الكوافر غير الكتابيات".

<<  <  ج: ص:  >  >>