ابن الجوزي رحمه الله يسلك في هذا الكتاب مسلكًا جديدًا لمعالجة قضايا النسخ. وهو وإن كان موافقًا لأسلافه في عرض الآيات حسب ترتيب القرآن كابن حزم وابن سلامة، إلا أنّه يمتاز عنهم كثيرًا في سوق الآراء وعزوها إليهم حيث لا يكتفي بذكر القيل والقال ولا بعزو الأقوال، إنما ينقل كلّ ما أثر عن السلف بسند متصل منه إليهم، حتى كاد أن يكون كتابه موسوعة لكلّ كتاب صنف قبله في موضوعه. فيروي عن معظم المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعن شيوخ المذاهب الفقهية، وأئمتها وعن كبار المحدّثين، والمفسرين بالمأثور. فقد وصل هذا الكتاب إلى درجة أنه يمكن الاستغناء به عن كثير مما صنف في موضوعه.
وقد بدأ المؤلِّف بمقدمة رائعة يقرر فيها أن العلم عبارة عن التحقيق والتدقيق بالاجتهاد والاستنباط من الأدلة الصحيحة الثابتة، وليس مجرد نقول بتقليد السابقين تقليدًا أعمى، ولا عزو الآراء إلى كلّ من قال وروى.
وبعد ذلك يهاجم المؤلِّفين في علم النسخ الذين لم يعنوا في معالجة قضايا النسخ بالأدلة الصحيحة الثابتة، فملؤوا كتبهم بالآراء الفاسدة.
ثم يصف ما جاء بالكتاب بأنه إنقاذ لكلام الله من أباطيل هؤلاء الجهلة ويأتي بعده بفصل كبيان لمنهجه في الكتاب، فيقول: