فَصْلٌ: وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ عَقْلا، فَهُوَ أَنَّ التَّكْلِيفَ (لا يَخْلُو) أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى مَشِيئَةِ الْمُكَلِّفِ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِ، فَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ، فَلا [يُمْتَنَعُ أَنْ يُرِيدَ] تَكْلِيفَ الْعِبَادِ عِبَادَةً فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ يَرْفَعَهَا وَيَأْمُرَ بِغَيْرِهَا.
وَإِنْ كَانَ [الثَّانِي] فَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لِلْعِبَادِ فِي فِعْلِ عِبَادَةِ زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ [وَيُوَضِّحُ هَذَا أَنَّهُ قَدْ جَازَ] فِي الْعَقْلِ تَكْلِيفُ عِبَادَةٍ مُتَنَاهِيَةٍ كَصَوْمِ يَوْمٍ، وَهَذَا تَكْلِيفٌ انْقَضَى بِانْقِضَاءِ زَمَانٍ، ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْقِلُ مِنَ الْفَقْرِ إِلَى الْغِنَى وَمِنَ الصِّحَّةِ إِلَى السُّقْمِ [ثُمَّ] قَدْ رَتَّبَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَصَالِحِ [وله] الحكم١.
١ تجد نحو هذا الدليل والتوجيهات على جواز النسخ عقلاً، في كشف الأسرار٣/ ١٦١ - ١٦٢؛ نقلاً عن الأصوليين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute